الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٤٨ مساءً

هنيئاً لك الشهادة أيها الزميل العزيز

عبدالعزيز المقالح
الثلاثاء ، ٠٤ نوفمبر ٢٠١٤ الساعة ١١:٠٠ صباحاً
صدمني، بل روّعني نبأ استشهاد الصديق والزميل الاستاذ محمد عبدالملك المتوكل، وعندما حاولت التعبير عن هول هذه الصدمة على نفسي وجدت الكلمات تفرِّ من ذاكرتي ولا يستطيع القلم إلتقاط شيء مما أريد قوله والتعبير عنه، ووجدت أن الكلمات تغشاها ظلمة أشبه بالظلمة التي رافقت حادث الاغتيال المريع، وأشبه ما تكون أيضاً بحياتنا المؤلمة التي جعلت الكثيرين من أبناء هذا البلد يقولون ، وهم على حق، أنه في هذا الزمن القبيح، زمن قتل النفس البريئة بدم بارد وإحساس مفقود يكون الموت راحة والشهادة نعمة من السماء، إذ ماذا تبقى في الحياة من فضائل وجماليات تجعلها جديرة بأن تعاش وتجعل الإنسان يحرص على التمسك بها.

ولمن لا يعرف صلتي القديمة والحديثة بالزميل الشهيد أستسمح القارئ أن أعود به إلى أوائل الخمسينيات من القرن الماضي حينما جمعتني به المدرسة المتوسطة، كنا في فصل واحد، بل جوار بعض، وقد تطورت الصداقة والزمالة وخرجَتْ من المدرسة إلى واقع الحياة في تلك المدينة الصغيرة الهادئة التي كانت سجناً وتحولت إلى جامعة، لم نكن نفترق وكان دليلنا في البداية شقيقه الراحل الجليل أحمد الذي انتقل إلى جوار ربه وهو في ريعان الشباب وترك في قلوبنا غصة ما تزال ذكراها عالقة بالروح والوجدان. كنا نقرأ كثيرا ونلعب كرة القدم ونحرر صحيفة خطية باسم « الرياضة» نبعث بها إلى أصدقائنا في صنعاء وتعز، وقد نشرت صحيفة النصر في أحد أعدادها ترحيباً بالزميلة الرياضة مما لفت انتباه الإمام وأبرق لنائب حجة يبارك له بالصحيفة الجديدة ، وللحديث عن هذا الموضوع وما أثاره من قلق وردود أفعال مكان آخر.

تواصل الود بيننا وتعمق حتى بعد أن غادرت مدينة حجة وغادرها هو فيما بعد، وكان تواصلنا دائماً ، ولم أكن أخفي إعجابي بشجاعته وأحياناً بتهوره في بعض الأمور التي يتجنب السياسيون (العقلاء)الخوض فيها، وبعد ثورة سبتمبر بعام أو أقل من عام جمعتنا القاهرة، كنا نختلف قليلاً ونتفق كثيراً، وأزعم أنني أنا الذي حرضته على مواصلة دراسته الجامعية ، وكانت ميوله السياسية وراء اختياره لحقل الإعلام بينما كانت ميولي الأدبية وراء اختياري لكلية الآداب وقد جمعتنا في الأخير صنعاء والجامعة والأحلام التي كانت تتبخر ثم تعود إلى الظهور من جديد، وكان اختلافنا في بعض القضايا مثل اتفاقنا في بعض الآخر محاطاً بظلال من الصداقة والزمالة القديمة ، وكان شعار الاختلاف لا يفسد للود قضية عاملاً أساسياً في استمرار الحوار والنقاش والبحث عن طرق للتعاون والتضامن والنظر إلى البعيد في منأى عن اللحظة المتوترة والمتغيرة .

قبل اغتيال الشهيد العزيز بسبع ساعات تقريباً كنا مع عدد من الزملاء في لجنة التقريب بين المكونات السياسية وهو في قلبها نناقش المستجدات على الساحة، وكان آخر ما كتبه بخطه ومازلت محتفظاً به يتضمن الفكرة الآتية: واجبنا هو العمل على تكوين الدولة المدنية الديمقراطية العادلة والبحث خارج هذا الموضوع سيجعلنا نتوه ونبتعد عن جوهر المهمة . وأعتقد أن أعظم تكريم وتقدير لشهيدنا وبقية شهداء الوطن ينبغي أن يكون في الالتفات إلى هذه الأطروحة الوطنية الكفيلة بالانتقال بالبلاد من حالات الصراع إلى حالة الأمن والاستقرار والمواطنة المتساوية ، وما ينتج عنها جميعاً من استعادة اعتبار للوطن الذي كان وما يزال يحلم ويقاوم اليأس والإحباط.

الأستاذ قادري أحمد حيدر في كتابه الجديد (القضية الجنوبية):
الكتاب من إصدارات الهيئة العامة للكتاب (صنعاء) عنوانه الكامل (القضية الجنوبية.. رؤية سياسية تاريخية) وهو كما يوجز محتواه عنوان آخر «مساهمة في نقد السياسة والواقع». والأستاذ قادري باحث متمكن ومتابع دقيق لأحداث الوطن شمالاً وجنوباً، ومن أهم الكتّاب الذين عايشوا القضية الجنوبية بأبعادها السياسية والاجتماعية وكانوا الأقدر على طرح حقائق هذه القضية من منطلق وطني هادف إلى وضع حلول جذرية لوقف التداعيات التي بدأت تأخذ منحىً سلبياً يضر بالقضية والوطن. يقع الكتاب في 282 صفحة من القطع المتوسط.

تأملات شعرية:
يرحلون إلى الله
يستلمون جوائزهم
وتذوب مراجعهم في رحاب من النور
والحب ..
حيث النعيم المقيم
ولا حقد يهزأ من نورهم
لا طغاة .

" الثورة نت "