الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٥٩ صباحاً

ريما الشامي : من اجل التوريث . . . صعدة محرقة طائفية

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
يمن برس - ريما الشامي :


"لدينا سلطة منهج حكمها هو الفساد والافساد في الأرض حتى اوصلت وطننا الى الانهيار الشامل بحسب تقارير منظمات مهنية
وبحسب هذا الشعب الذي جعلته في مؤخرة امم الأرض فقرا وامية وحروبا وجوعا وتخلفا في شتى مجالات الحياة اقتصادا ومعيشة وتعليما.

لدينا سلطة ترى امامها أنه ما من سبيل للبقاء في الحكم الا بصناعة مراكز قوى الفساد وتوازناته التي تغذيها على حساب نهب المال العام وامكانيات البلد في اطار المعادلة التي تنظم مصالح الفساد والاستبداد والتي تقوم على أساس تبني الفساد ورعايته واباحة مقدرات الوطن لمصالحه مقابل مايقوم به من ارهاب الشعب وقهره والوصاية عليه واخضاعه لارادة الاستبداد ومشاريعه .

لدينا رئيس جمهورية وعدنا في حملته الدعائية في الانتخابات بأنه سوف يقضي على المتنفذين فيما هو عمليا يقوي شوكتهم ويعيد بناء الصيغ التقليدية القبلية المتخلفة ويحول البلاد الى نظام اقطاعي يحكم فيه سيطرة قبضة متنفذيه على رقاب الشعب ليرتكبوا أبشع جرائمهم من قتل وتهجير وهتك أعراض وكرامات الناس استنادا الى دعم الرئيس وعلى ذلك يمكن تفسير اعادة البلاد الى اقطاعيات للمشائخ والمتنفذين بأنه مكافأة رئاسية لهم كونه يرى فيهم الضمانه لاستمرار حكمه بتسليط المتنفذين لقمع الشعب وقهره وتشديد سطوتهم على رقاب الناس وأداء الدور المطلوب منهم في تكريس الجهل وتأبيد واقع التخلف في المجتمع .

لدينا سلطة ونظام ورئيس يدعون مكافحة الفساد فيما تاتي توجيهات عليا لاغلاق ملف فساد نهب الأرضي بعدن وسحبه من المحكمة وهكذا يتم مكافحة الفساد .

لدينا حكم فردي مطلقة يداه وتوجيهاته في التصرف في مصير البلد بدون حساب وبدون ادنى مسألة ولدينا دستور وقوانين وانظمة ومؤسسات صورية وتهريجية وديكور لتزيين الاستبداد ولاحول لها ولاقوة امام التصرف الفردي ورغبات الأمزجة الشخصية .

لدينا نظام باقرار الرئيس يجيد لعبة الكروت المحروقة ويدير القوى الوطنية كاوراق شطرنج ويضرب هذا بذاك حتى اذا ما أحرقت واستنفذت تلك الكروت أغراضها و خرجت عن قواعد اللعبة وائتلفت لانقاذ الوطن اعتبر تحالفها شيطاني يسعى برأي الرئيس لتدمير الوطن اذ كان المفترض عليها أن تظل في صراع دائم بالوكالة لاجل خدمة الاستبداد .


لدينا نظام يرى في الادارة بالأزمات وصناعة الحروب والصراعات شروط البقاء وميكانيزمات التجدد والنشاط ولديه استراتيجية دائمة لتفجير دورات العنف والحروب لاثبات شرعيته وضمان تمرير مشاريعه على حساب شلالات دماء اليمنين المسكوبة على طول وعرض الوطن .


أربعة أشهر مضت على الانتخابات التي أنتجت فوز الحاكم والناس منتظرون برنامجه ووعوده بيمن جديد ومستقبل أفضل أن يتحقق في حياتهم ولكن تحول ذلك البرنامج الى كابوس ولعنة على هذا الشعب الذي تجسد في حياته مزيدا من الفقرو التجويع والغلاء واستفحال الفساد وتزايد سطوة المتنفذين وجرائمهم ، والى جانب استحقاقات المطالبة الشعبية باصلاحات حقيقية وتنفيذ برنامج الرئيس وجد الحاكم نفسه في مواجهة الشعب على طرفي نقيض فالشعب له اجندته الموعود بها والحكم له أجندته الخاصة به وعلى ذلك فتبدو الحاجة ماسة للهروب الى الامام والتنصل من الاستحقاقات باتجاه خلق أو اعادة انتاج أزمة قديمة – جديدة .

السلطة بحكم خبرتها وتخصصها في مجال ادارة الأزمات واستثمار جروح الوطن النازفة لصالح اجندتها وجدت في ملف الحرب بصعدة الازمة المخرج والمنقذ لها من مواجهة التزماتها واستحقاقات المرحلة الحالية بعد انتخابات سبتمبر وكذلك المطالب الدولية بالاصلاحات الحقيقية والى جانب أن هذه الازمة ستكون هامة ونوعية في تمرير أهم مشاريعها وهو التوريث وفرضه أمرا واقعا وبخطوات عملية تكرس الاستبداد .


المثير للانتباه هو هذه الخطوات المتسارعة نحو تدشين فصلا جديدا في هذه الحرب بكل استهتار واستهانة بدماء اليمنين لاجل رغبات فردية وبخرق فاضح للقانون وبتجاوز مهين لمؤسسات الدولة ودستورها ونظامه الجمهوري منذ ان ابتدأت هذه الحرب في 2004 ويلاحظ ان التصعيد باتجاه الحرب قد شمل أيضا قوى المعارضة الرافضة لهذه الحرب العبثية التي تشن خارج الدستور والقانون والتهم الروتينية الموجهة لها بالخيانة والعمالة بالاضافة الى تشجيع ودعم ( الحوثيين ) وحدة الخطاب الرئاسي التخويني للمعارضة هذه المرة يهدف الى ارهابها ومن ثم ارغامه الى قبول الحرب وقطع الطريق عليها أما أي توجه لاتخاذ موقفا وطنيا مسؤلا يتبنى رؤية محايدة تطالب باعادة الاعتبار للدستور ومؤسسات البلد والقضاء لمعالجة الحرب والمشكلة


حرب صعدة التي تسارع السلطة اليوم لدق طبولها لتكون مخرجا من استحقاقات المرحلة وتكريس مشاريع الاستبداد أخذت هذه الحرب منحا خطيرا يهدد استقرار الوطن ويضرب الوحدة الوطنية للمجتمع اليمني في الصميم أتى هذا المنحى نتاجا للسياسات الفاشلة التي تدير البلاد وفق ثوابت الادارة بالازمات واليات الكروت المحروقة وصناعة التوازنات وتوجيهها لضرب الخصوم ومن ثم فأن هذه الحرب تبين أي مدى وصلته عقلية الحاكم في الاستخفاف بثوابت الوحدة الوطنية وبقيم الاستقرار الاجتماعي عندما تدار هذه الحرب بتاجيج الفتن وخلق الصراعات الطائفية وبث الكراهية المذهبية في أوساط الناس .


والتطور الأخطر في هذه الحرب هو اذا مانجحت السلطة التي تخوض هذه الحرب لحساباتها ولمصالحها ولفرض اجندتها في أن تورط الشعب وتجعله طرفا في هذا الاقتتال الذي لايعنيه أبدا وليس له مصلحة فيه الا أنه سيكرس واقع التخلف ويخلق عوامل صراع وانقسام داخلية لايوجد لها أثرا في مجتمعنا حتى اليوم اذ ان نجاح السلطة في تحويل مشروع الحرب التي تخوضها الى جعلها حربا طائفية أو تورط أحدا من قوى المجتمع فيها فان ذلك يفتح الباب امام مشاريع تفكك وانقسام وفتن و توالد حروب داخلية قادمة ويظل المجتمع مشحونا بالازمات وتلك هي البيئة الخصبة لاستمرارية حياة الاستبداد .

اذن ماذنب أبناء هذا الوطن لأن يزج بهم الى اتون محرقة طائفية لاتحتملها اليمن وليست بلدها أصلا ليظلوا يخوضوا حروبا ويدفعوا تكلفتها بالوكالة ثمنا لمشاريع الاستبداد والتسلط الفردي . هل هو قدر الله في هذا الشعب أن يظل أبناؤه وقودا لحروب عبثية لاطائل من ورائها الا فرض استمرارية واقع الجهل وتكريس التخلف وتأبيده في حياة اليمنين ليوفر البيئة المناسبة لاستمرار سلطة الاستبداد للأبد ونجاح مشاريعها في فرض التوريث والعودة بالوطن الى الحكم الملكي الأسري الذي يحكم الان عمليا ويسيطر على مراكز القيادة والقرار في الدولة .



اليمنيون عاشوا اخوة جنبا الى جنب طوال تأريخهم ولم تتوارث الاجيال أية عصبيات مذهبية او كراهيات طائفية كما يراد لهم اليوم رغما عن ارادتهم ان يتحملوا أوزارها بالوكالة ولصالح اجندة الاستبداد . اعتنق اليمنيون اليهودية ثم أمنوا بالنصرانية ثم دخلوا في دين الله افواجا وعاشوا بكل تسامح وحب واخاء ووئام اجتماعي .



الى ماقبل قيام ثورة 26 سبتمبر التي خلصت الشعب من الحكم الملكي الوراثي المستبد ـوالتي كان من اهدافها مواطنة متساوية وعدالة وحكم جمهوري يحكم فيه الشعب نفسه بنفسه ـ كانت دولة الائمة الزيدية تحكم اليمن واتخذت تعز الشافعية عاصمة لها ولم يكن هناك فرز طائفي وتمايز عنصري رغم واقع الجهل والتخلف الذي كان سمة الحكم الامامي انذاك .


اذن فلماذا يراد اليوم فرض هذه الحرب قهرا بالقوة على ارادة اليمنين ومصيرهم وليدفعوا بالوكالة ثمنها لصالح فرض أجندة مشاريع الحكم الفردي وعلى حساب تقسيم المجتمع اليمني واعادة فرزه مذهبيا وطائفيا وبث الصراعات والكراهية وتكريس التخلف والجهل في حياة الشعب .


ان هذه الحرب العبثية التي تأتي في سلسلة حروب السلطة المتواصلة ليست الا صنيعتها ونتيجة منطقية لافساد الحياة السياسية والاجتماعية في الوطن التي تعتمد فلسفة الكروت المحروقة ومواجهة المعارضين باختلاق مراكز توازن ولم يكن تيار ( الشباب المؤمن ) الموصوف اليوم بالارهاب الا تيار الرئيس في فترة ماضية والذي صنعهم بمقدرات الدولة لاجل مواجهة معارضين .

ان هذا الاسلوب الجهنمي في ادارة البلاد هو الذي يصنع الازمات وحروب الوطن و هو الذي أورث كل هذ الفساد الشامل في البلاد والنظام اليوم بعد فشله في الامساك بخيوط لعبة التوزانات والكروت المحروقة يحاول أن يتنصل من مسؤليته عن نتائج سياسته التدميرية ليحول حرب صعدة الى مسألة حرب طائفية ومذهبية في الوطن .

وتخبط السلطة الذي كان واضحا في هذه الحرب منذ فصولها الاولى يكشف حجم الازمة والفشل في ادارة هذه الحرب ومشروعيتها واجندتها فابتداءا كان الاصرار على الحرب جريا على الاسلوب الهمجي المعتاد في الحروب الداخلية وكانت التهم جاهزة فالحوثي ( ادعى النبوة ) و تهم اخرى في الشعار ورفع علم دولة أجنبي وتوالى كيل الاتهامات تباعا فالرجل واتباعه ملكيون ويسعون للانقلاب على النظام الجمهوري واعادة الامامة وحكم ال حميد الدين وثبتت عليهم عنوة تهمة التمرد وصولا الى التهم الاخيرة حاليا والأخطر وهي الارتباط بايران والمشروع الصفوي والدعوة لمذهب الاثنا عشري والذي على هذا الأساس الان يتم تبرير شن الحرب والباسها ثوب الطائفية بالاضافة الى تهمة جانبية تتمثل في تهديد بعض اتباع الحوثي لمواطنين يهود في صعدة الأمر الذي ساعد في شن هذه الحرب بمبرر تحرك الدولة لحماية مواطنيها من اليهود بينما مستشار رئيس الجمهورية محمد أحمد منصور يمارس في منطقة الجعاشن باب أبشع انواع الجرائم الانسانية في حق مواطنين يمنين أيضا ومسلمين سنة ويهجرهم من قراهم ومع ذلك لم يستدع ذلك حمية الدولة على مواطنيها في الجعاشن أو حتى على الأقل مناشدة ذلك المتنفذ المدعوم لايقاف جرائمه .




لايهم السلطة الحاكمة اليوم الا تنفيذ مشاريعها وفرض ارادتها قهرا وبالقوة كما هو الحال في صعدة التي تفتتح فيها فصلا دمويا أخرا بهمجية وعمى بصيرة عن عواقب هذه الحرب وبث الطائفية التي في المقام الاول ستكون نتائجها ماساوية عليها قبل أن يكون على مصير البلد ووحدته الوطنية ومستقبل أجياله .



ومن المأساوي ان اصرار السلطة على هذه الحرب يأتي في ضؤء حسابات اقليمية وخارجية تشجع على المحرقة الطائفية وتريد أن تكون اليمن جزءا من مخطط تصفيات حسابات في المنطقة والسلطة تجر بلدنا اليوم الى هذه الساحة التي لاتعنينا ابدا كون بلدنا لايمتلك ظروف ومعطيات لصراعات طائفية ولكن سوء تقدير السلطة ورؤيتها لهذه الظروف الدولية يجعلها تجر اليمن الى المحرقة الطائفية التي صارت موضة هذه الفترة لتقسيم البلدان الاسلامية .



ان حرب صعدة ليست مفتتح حروب السلطة الترويعية وشلالات دماء اليمنين المسكوبة في كل مناطق الوطن ولن تكون بالتأكيد هي نهاية الكوارث والمأسي ولكن التحذير من خطورة هذه الحرب أنه في حالة نجاح توجيهها نحو البعد الطائفي سيكون لها أسوا النتائج على مستوى خلق عوامل جديدة للفرقة والانقسام وتكريس التخلف في البلاد ، ولمزيد من التحليل والقاء الضوء على جوانب مهمة في هذه الحرب التي يراد تمويه اهدافها الحقيقية تحت الستار الطائفي نؤكد على حقائق جوهرية مهمةفي هذه الحرب التي ليس المسؤل عنها لامن قريب او من بعيد الطائفة السنية أو الشوافع الذين يقتسمون مع اخوانهم ابناء الطائفة الزيدية الحياة على هذا الوطن بكل حب واخاء وتسامح بل أن من يحرك الحرب وبيده قرارها وامكانياتها من هم في السلطة ولغرض تثبيت أركان حكمهم و الاستئثار في السلطة وفرض الحكم الأسري وهم من خلال هذه الحرب يريدون اقصاء أي أخر برأيهم أنه قد يسبب لهم عائقا او ازعاجا امام مخططاتهم وكان البعد الطائفي مناسبا لتصفية الحسابات بنظرهم.



ان الحرب في صعدة ليست دفاعا عن الثورة والنظام الجمهوري الذي حسم الشعب خياراته حوله ولكنها تاتي في مسلسل حروب السلطة لتصفية الحسابات مع فئة ترى السلطة وفق مخاوف غير مبررة بانها تشكل عائقا امام مخطط توريث الحكم بحكم انها كانت تحكم اليمن في فترات سابقة .

والا اذا كانت هناك مبررات مشروعة لهذه الحرب تستدعي حماية الوطن والثورة والنظام الجمهوري اذن فلماذا تشن هذه الحرب خارج مؤسسات النظام الجمهوري ودستور الدولة اليمنية ؟

ولماذا الاصرارعلى التصرف بفردية وشخصانية في قضية عامة بهذه الخطورة تعني بالضرورة كل الشعب وقواه الوطنية ؟

اذا كانت هذه الحرب على علاقة بالشان الوطني العام ولأجل الدفاع عن البلاد والنظام الجمهوري اذن فلماذا التعتيم والسرية وعدم الوضوح في نقل الحقائق وعدم وضع معطيات الحرب امام الشعب بل الاصرار على الغاء وجهة نظر الطرف الاخر فكريا كما هو الاصرار على الغائه عسكريا ؟

اذا كانت حرب صعدة أجندتها وطنية خالصة وليس لها علاقة باجندة التوريث وتصفية الحسابات فلماذا لاتناقش بعلنية وتطرح بشفافية للقوى الوطنية والراي العام لاجل توحيد الموقف الوطني والشعبي ازاء قضية تهم مصير البلد ومستقبل الاجيال ؟


لماذا لايتم كشف أبعاد المؤامرة التي تحاك لبلادنا من جهات اقليمية ودولية وتنفذ بأيدي الحوثيين ؟


ولماذا لا تتم كذلك تعرية تفاصيل وأبعاد المخطط الصفوي الشيعي او غيره الذي يحاك وينفذ بأيدي يمنية ؟ ثم ليقول القضاء حكمه في هؤلاء المتمردين الامامين الارهابيين الذين يريدون نشر التشيع الاثنا عشري في اليمن

ان الفردية والاستخفاف يجب ان تتوقف في التعامل مع قضايا وطنية كبيرة والدستور والقانون والقضاء يجب ان يحل محل الرغيات الذاتية والامزجة الشخصية في اتخاذ قرارات مصيرية ويجب ان تتوقف دورات الحرب المستدامة و شلالات دماء اليمنين التي تذهب هدرا لاجل فرض مخططات التوريث .