بات من المؤكد اليوم ان نظام الرئيس اليمني صالح يعيش مراحله الأخيرة وغداً سيكون مثله مثل أي نظام سياسي حكم في شمال اليمن أو جنوبه "ذكرى من الماضي" الذي لايعود ابداً لذا فان المهم اليوم هو النظر في خارطة التحالفات السياسية التي ستنتجها مرحلة مابعد "علي عبدالله صالح" في اليمن .
في مرحلة مابعد علي صالح اعتقد وبحسب رؤية شخصية ان الخارطة السياسية ستنقسم على النحو التالي تيار "علي محسن الأحمر" والذي ينضوي في إطاره تكتل اللقاء المشترك وابرز أحزابه حزب "الإصلاح" فيما سيكون هنالك تيار الحوثيين والذي يبدو انه يحاول السيطرة حاليا على مناطق واسعة من شمال اليمن قبل ان يكمل الأعداء في صنعاء لعبتهم السياسية ويكونون بعدها في مواجهات استحقاقات على الأرض ..
ثمة تيار ثالث يجب عليه ترتيب أوراقه بشكل جدي منذ اللحظة لكي لايجد نفسه في خضم تلاطمات المرحلة المقبلة تائها ضائعا يسهل ابتلاعه وهذا الطرف هو "الحراك الجنوبي" الذي يعتبر الحامل السياسي للقضية الجنوبية ويتمتع بتأييد الغالبية العظمي من الجنوبيين اليوم الا ان غيابه عن خارطة التحالفات السياسية في المرحلة المقبلة أمر يمكن له ان يضعف من وجوده وتأثيره المستقبلي.
لاحقا وبعد سقوط نظام الرئيس اليمني صالح ستبدأ معركة كسر العظم بين كافة الأطراف السياسية على الساحة اليمنية واذا نظرنا إلى "الحراك الجنوبي" وموقعه من هذه التحالفات فانه من الصعب له ان يضع يده بيد تيار "علي محسن" كما انه من الصعب له ان يضع يده بيد المعارضة اليمنية لانها وببساطة ستحول ان تبسط سيطرتها على الجنوب لاحقاً وان تنصب نفسها متحدثة وواضعة الحلول للقضية الجنوبية ..
السؤال الذي يلح عليَ اللحظة هو ماذا لو تحالف "الحراك الجنوبي" مع الحوثيين اليوم وهو تحالف يدوم إلى مابعد مرحلة نظام الرئيس اليمني صالح ؟؟ شخصياً اعتقد ان التحالف بين الطرفين أصبح ضرورة هامة ومعطيات الواقع السياسية لا العاطفية تقول بإن التحالف بين الطرفين ضرورة تمليها تعقيدات الواقع السياسي اليمني ..
مما لاشك فيه ان اطماع الحوثيين ومطامحهم مهما كبرت فأنه لاتتجاوز حدود الشمال ولايمكن لها ان تصل إلى الجنوب بعكس مطامع التيار الذي ينوي حكم اليمن بعد رحيل نظام الرئيس صالح حيث ان هذا التيار سيحاول ان يملي رؤية خاصة به لحل قضية الجنوب وبما يتوافق مع مطامعه السياسية لذا فان وجود قوة سياسية يمثلها التحالف الحوثي الجنوبي يمكن لها تفرمل مطامح ابتلاع الجنوب مرة أخرى والتي قد يطمح لها المتصارعون في صنعاء اليوم .
من الأشياء الايجابية التي يمكن للتحالف بين الحوثيين والجنوبيين اليوم ان مثل خارطة تحالف سياسية كهذه يمكن لنا ان تطرق ناقوس خطر في العواصم الخليجية الست وهو الناقوس الذي لم تتمكن أربع سنوات من الاحتجاجات السلمية في الجنوب من طرقه ..
بالتأكيد ان مثل هكذا تحالف سياسي سيمنح الجنوبيين موقف سياسي اقوى في مواجهة الخصوم التقليدين الذين ستدفع بهم مرحلة مابعد علي عبدالله صالح وسيعطيه فرصة اكبر للمناورة السياسية في الداخل والخارج ففي الخارج سيدفع هذا التحالف بالدول العربية والخليجية منها على وجه الخصوص إلى الاستماع إلى مطالب الجنوبيين والتي تجاهلوها لسنوات طويلة وفي الداخل فانه سيعطي "الحراك الجنوبي" فرصة حضور اكبر على الساحة السياسية اليمنية وفرض الشروط التي يريدها لحل قضيته الجنوبية هذا من جهة ومن جهة ثانية فان مثل هذا التحالف سيضعف أي محاولات تريد أطراف سياسية من خلالها ابتلاع الجنوب مرة أخرى .
غياب "الحراك الجنوبي" عن خارطة التحالفات السياسية على الساحة السياسية في اليمن أمر سيجعل منه مجموعة من المتظاهرين يجوبون الشوارع كل خميس ومع كل مناسبة جنوبية ويقتل منهم العشرات وعلى هذا الأساس سيستمر الأمر لسنوات فيما الأطراف السياسية في صنعاء ستتقاسم الثروة والحكم وكل شيء ..
اعترف ان البعض سيهاجم دعوتي للتحالف بين الحراك الجنوبي والحوثيين وكل ذلك من منطلق العاطفة التي أضاعت الجنوب لعقود طويلة وسينسى هؤلاء ان ذات الفكرة المغلوطة التي غرسها النظام عن حراك الجنوب في نفوس الكثير من الإخوة الشماليين هي ذات الفكرة التي غرسها النظام عن الحوثيين في شمال اليمن وجنوبه ، وعلى ذلك فانه ليس من الممنوع ولا من المخالف ان يضع الحراك الجنوبي يده بيد "الحوثيين" طالما وهذا التحالف يقتصر على أمور السياسة وبما يمكن الجنوبيين من انتزاع حقوقهم في خضم موجات التلاطم الحاصلة .
الشيء المؤكد ان "الحراك الجنوبي" مقبل خلال فترة مابعد نظام علي صالح سيعيش مرحلة من اصعب مراحله السياسية فخلال هذه المرحلة ستحاول كافة الأطراف السياسية في صنعاء بسط سيطرتها على الأرض في الجنوب لذا فان أفضل حل لوقف هذا التمدد هو وجود تحالف سياسي مع طرف سياسي في الشمال ولااعتقد ان هنالك طرف أفضل من الحوثيين في الوقت الحالي ..
