الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٢٣ صباحاً

التدافع الإعلامي

عارف أبو حاتم
الخميس ، ١١ ديسمبر ٢٠١٤ الساعة ١١:٠٥ صباحاً
تتدافع التطوّرات المتلاحقة في تقنيات الإعلام سنة بعد أخرى، وكل جديد يصبح قديماً في أقل من عام، ومعها يجب أن تتفتح الذهنية المعرفية للإعلامي ليكون أكثر وعياً ومعرفة بكل ما حوله من تقنيات العصر وأدواته، وفي هذه الجزئية بالذات بدأت الصحافة الغربية تدرّب منتسبيها على فكرة “الصحافي الشامل” ويقصد به الصحافي الذي يستطيع أن يعد المادة الصحفية ويحرّرها ويخرجها على جهاز الكمبيوتر، وإذا كان في التلفاز فهو المقدّم والمعد والمصوّر والمونتاج والمُخرج.
ذلك التدافع التقني يدفع بالإنسان نحو التجديد في كل مجالات الحياة حتى لا يظل منتظراً في آخر الركب، فهذه تقنيات لا تدفعه في اتجاه اليأس بقدر ما تحفّز العقل البشري إلى استغلال طاقاته الإبداعية، فثورة المعلومات في رأي الدكتور الدناني “جاءت كي تضيف إلى عقل الإنسان قدرات هائلة كما أضافت الثورة الصناعية إلى عضلاته قوة إضافية”.

وفي الحالة العربية الراهنة يعيش الإعلام العربي ما يسمّيه الدكتور نبيل علي بـ«الصدمة الإعلامية» فهو يرى أن الاتصال في عصر المعلومات لا يحيا بالأقمار الاصطناعية والقنوات الفضائية وأحدث المطابع الصحافية، بل علينا أن نقر أننا لم نرصد بعد مسارات الخريطة الجيو- إعلامية الحديثة، وهو ما عبّر عنه التقرير الاستراتيجي العربي القديم لعام 1999م، بضعف الاستجابة إلى عولمة الإعلام، والسبب في رأيه أن “الإعلام العربي مكبل بقيود ارتباطه الوثيق بالسُلطة”.

ومع كل ظهور لوسيط إعلامي جديد؛ يتواتر حديث الالتهام والانقراض، فالراديو سيقضي على الصحافة، والتلفزيون سيقضي على الراديو والسينما، أما الانترنت فسيحيل مَنْ دونه من وسائط الإعلام إلى متحف التاريخ، ورغم أن عدداً من الباحثين في مجال الاتصال الجماهيري يستبعدون إمكانية أن تقضي وسيلة على أخرى أو اختراع جديد على قديم، فوسائل الاتصال الجماهيري لا يمكن أن تقضي أي منها على الأخرى.

وغير هذا الرأي نجد من يعتقد بإمكانية أن تقضي وسيلة على أخرى، فالدكتور حسنين شفيق يرى أن “التلفزيون أدّى إلى تراجع الراديو، والانترنت لابد أن يسلُبَ من التلفزيون قطاعاً عريضاً من جماهيره خاصة الشباب منهم، فكل وسيط جديد يلقي بظلاله على ما قبله”.

ويذهب الدكتور شفيق إلى أبعد من ذلك؛ فهو يعتقد أن “الانترنت سيُحدث انعكاسات على محتوى الرسالة الإعلامية” وهي وجهة نظر لا تؤيّدها الشواهد الموجودة في الواقع، فالراديو لايزال لها جمهوره، والتلفاز له جمهوره وكذلك الصحافة والسينما، بل إن بعض وسائل الإعلام تُسوّقُ للأخرى، فمثلاً القنوات الفضائية غالباً ما تنقل أو تخصّص برنامج لأخبار الصحف، من قبيل «صحف اليوم، ومرآة الصحافة» في المقابل نجد بعض الصحف تنشر أخباراً عن برامج القنوات من قبيل «تشاهدون اليوم، برامج تلفزيونية، فضائيات» وغيرها.

أما الإعلام المحلّي فهو بحاجة ماسة إلى أمرين الأول: تأهيل منتسبيه وتطوير قدراتهم التقنية والمعرفية والتحريرية وذلك عبر دورات وورش عمل تعيد تأهيلهم إلى سوق العمل الجديدة، والآخر تحديث أجهزة هذه المؤسّسات وتقنياتها.

"الحمهورية نت "