السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:١٣ صباحاً

العودة إلى إنسانيتنا

عارف أبو حاتم
الأحد ، ٢٨ ديسمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٩:١٥ صباحاً
قبل شهر تقريباً كتبت في صفحتي على «الفيسبوك» عن رغبتي بشراء جاكيتات وفنايل لـ200 طالب وطالبة من طلاب سكن جامعة صنعاء حتى نقيهم البرد ونمنحهم الشعور بالدفء، فقد كنّا ذات يوم طلاب جامعة، تركنا أهلنا في البعيد وجئنا إلى صنعاء نبحث عن المستقبل عبر بوابة العلم، كانت تسعدنا كلمة طيبة فما بالك بموقف إنساني.

لا أريد القول إن إنسانيتنا قد جفّت، وإن الهم اليومي يأخذنا على تقلّبنا إلى حيث يريد، نريد أن نقول لطلابنا: لن نخذلكم في منتصف الطريق، فأنتم طلبة العلم اليوم ولبنات بناء غدنا المنتظر، أنتم حلمنا الذي ننتظر شروقه، وشمسنا التي ستضيء طريق الحقيقة ودرب الخلاص، أنتم الدرب الذي سيعبر بنا إلى حيث يجب أن نكون، أنتم ضوؤنا، ولا شيء أكبر منكم، أنتم من تقاومون الفقر بالعلم، والاستبداد بالمعرفة، صوتكم الرافض للاستبداد يجعلنا نشعر بالعافية، وصبركم على تحصيل العلم في الظروف القاسية هو عنوان لليمن الذي لا يموت ولا يركع أمام جبروت المآسي وطغيانها.

خلال الثلاثة الأيام الماضية مرّت عليّ أجمل لحظات العمر وأهنأها، عشتُ فيها متطوّعاً في عمل خيري تبنّيت فكرته، وعلم الله بصدق النوايا، فقيّض لنا من لدنه سلطاناً نصيراً.

حين وضعت ذلك المنشور في صفحتي على «الفيسبوك» كان مسؤول منظمة “Gift of the “Givers foundation الجنوب أفريقية الإنسان المشبع بقيم الإنسانية أنس الحماطي أول المتصلين بي، وعند ظهيرة اليوم التالي كان لقاؤنا، وكانت المفاجأة “أنس” وعد بتقديم ما هو أكبر من “جاكيت وفنيلة” وعرض تقديم فراشات وبطانيات ومنظفات لكل سكن، وبدأ البحث الدؤوب، حتى تمكّنا خلال الثلاثة الأيام الماضية من تقديم أولى دفعات الخير، وتم توزيع أكثر من 300 بطانية لسكن الطالبات وفق معيار المستجدّات والمحتاجات، وتوزيع شنطة خيرية لكل طالبة تحتوي الشنطة على «كريم شعر، وكريم وجه، وجوارب، وعسجة رأس، ومزيل رائحة، ولوشن جسم، ومعجون أسنان وفرشاة، ومنشفة وجه، ومقلمة أظافر، ومشط، وعلبتي فوط صحية، وحذاء» ولم يستثنِ التسليم أحداً؛ حتى الطالبات المتغيّبات تركنا هديتهن لدى مشرفات الطوابق السكنية.

أما فائض البطانيات وعددها 34 بطانية فقد قُدِّمَ لذوي
الاحتياجات الخاصة في سكن الطلاب، تسلّمها والدهم ومدير سكنهم الأستاذ القدير أحمد درهم، ولايزال بحثنا جارياً لتقديم بقية الاحتياجات وفي مقدمتها المنظفات و«الفنايل والجاكيتات» التي اعتزمت صرفها للطلاب الجامعيين، وأرجو من كل قادر أن يمد يد العون؛ فبرد صنعاء لا يرحم أحداً.

مثل هذا العمل هو ما تحتاجه اليمن، ولو أن تجار ورجال أعمال كل محافظة قرّروا الالتفات إلى المحتاجين والمعسرين من أبناء محافظتهم لما وُجِدَ في اليمن فقير واحد.

شكراً لأصحاب الأيادي البيضاء في هذا المشروع النبيل، شكراً للصديق أنس الحماطي، وسلطان القطامي، وصالح الزقري، وشكراً للأستاذ أحمد درهم وفاطمة الغيلي والدكتورة حاكمة الهبوب التي أنفقت ثلاثة أيام متواصلة لخدمة بنات جنسها.


"الجمهورية نت"