الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٠٩ صباحاً

هديك نور لا يدنس ..

يحيى حمران
السبت ، ٠٣ يناير ٢٠١٥ الساعة ٠٤:١٧ مساءً
من بين دهاليز الظلام وأروقة الخوف وشعاب الجهل بمكة انبثقت أضواء المختار فأضاءت وهج ينبثق حتى دفن الضوء عثاث الأجداد وأزال الظلم والظلام لينعم الناس بضياء لا ينطفئ بهدى خير الأنام ..

في مثل هذا اليوم من عام الفيل كانت البشرية موعودة بقدوم محمد النبي الأمي ذو الأخلاق النبيلة والقلب السموح والداعي الأول للسلم والتعايش على أساس الشراكة لا التبعية والإذلال الممنهج ، جمع بين الفرقاء من العرب وآخا بين المتناحرين من الأوس والخزرج ، بعث والعرب تابعين للدول العظمى آن ذاك كفارس والحبشة والروم فجعلهم قادة وامراء عليهم ، يأمرون بعد أن كانوا يأتمرون ويعطون بعد أن كانوا يستجدون العطاء ..

عاش طفولته يتيم حزين بعيدا عن العاب الصبا مع أقرانه ، امتهن رعي الأغنام ، عاني من شظف العيش ومحن الزمن ، فقد أمه في السادسة من عمره بعد أن كان لا يعرف عن أباه إلا اسمه ، ليعيش تحت بند اللجوء الإنساني منذ صغره ، لامس حياة البسطاء والكادحين في رمضاء مكة واكتوى بحرارة رمالها اللاذعة والشمس في كبد السماء .
شهد فلوبيا ونرجسية برجوازيين قريش والانتهاكات المأساوية من قبل السادة في حق العبيد بل رأى بعينية ما يدمي القلب ويجعل العيون تذرف الدموع دما من واد البنات في قبور مظلمة وهن يصرخن تارة ويتوددن للقاتل تارة اخرى يستجدين الرحمة ولا نصير .

عاداه قومه وحاصروه مع نفر من أهله في شعب خارج مكة لسنوات متتالية ، بثوا الإشاعات الكاذبة اتهموه ووصفوه بأقبح الأوصاف وأبشعها ، سخروا منه وضعوا على رأسه وجسده انتن وأوسخ القاذورات ، نفوه من أحب بقاع الأرض إليه ، حاربوه تحالفوا ضده تأمروا عليه بإرسال من يغتاله لكنه كان يتألم بصمت ويرجو لهم الخير والرخاء .
لم يحرض ضدهم ولم يحل دمائهم كما لم يستبيح أملاكهم وتجارتهم إلا في حرب ، لم يغدر بعهد ولم يخلف وعد لم يستبيح الأعراض ولم يهتك الستر في البيوت المحصنة رغم قوته ، لم يستحوذ على حكم فردي للمدينة بل ترك لكل قوم الحق في تسيير أموره رغم سيطرته عليها ، لم يقاتل يهود أو يفرض عليهم جزية إلا بعد أن غدروا به .

لم يتشدق بوعود زالت بعد أن تمكن ولم ينكل بعدو خالفه بل عفا واصفح وقال لعتاولة مكة بعد أن ظفر بهم ( اذهبوا فانتم الطلقاء ) شهد له أعدائه فقال المستشرق ميشون :
))إن الإسلام الذي أمر بالجهاد قد تسامح مع أتباع الأديان الأخري بفضل تعاليم محمد (( فما بالكم بالمخالفين من أبناء الإسلام ..!!

لم يقطع شجرا ولم يقتل راهبا أو يهدم كنيسة و صومعة كما لم يقتحم بيتا عنوة تحت قوة السلاح ناهيك أن يخرج ساكنيه في العراء ويهدمه تنكيلا وإذلالا للخصم بعد توقف الحرب ومغادرته الدار ..

صوروه لنا بأنه رجل حرب شرس لا يشق له غبار وحسب ..! وهو كذلك ، لكنهم تناسوا متعمدين أن يطلعونا على الجانب الإنساني له اخبرونا بغزواته ولم يخبرونا أن الغزوة كانت يوم واحدا وان عدد أيام حربه لا تتجاوز الثلاثين يوما بينما باقي عمره قضاه في نشر المحبة والتعايش والسلام .

لم يفرق بين سيد وعبد أمام القانون فقد قال (( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها )) وحاشاها ان تسرق فهي الزهراء سيدة نساء الدنيا و الاخرى .

قال في عدالته الأديب البريطاني جورج ويلز : (( محمد أعظم من أقام دولة للعدل والتسامح )) ..

قال ( إن أكرمكم عند الله اتقاكم ) ولم يقل إن أكرمكم أقاربي وأهلي في الحين ذاته الذي تبرءا من عمه ابو لهب السيد القرشي ووالى العبيد كــ بلال وصهيب وسلمان .
سنصلي عليك ونحتفل بمولدك الكريم احتفال يليق بك وبكريم أخلاقك سنحتفل لقيمك ، للحب والسلام والتعايش والوئام لاكما يريدون لنا هم أن نفعل من اجل تمجيد أشخاص وإضفاء شرعية سماوية وحق إلاهي مزعوم ، فنحن نعلم انك بريء ومنزه من كل ما يمارس من انتهاك ضد البشرية باسمك وتحت شعار ولواء يشبه شعارك ولوائك العظيم فالفرق بين أخلاقك وأخلاقهم شاسع وجلي لاؤلي الألباب ، فهديك نور لا يدنس ، وهديهم ظلام ..
لك حبي ومودتي وصلواتي يا رسول الله ..