الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٢٧ صباحاً
حب
مقترحات من

بسام الطعان

حب

قد يعجبك أيضا :

انطلاق منصة (مال) للعملات الرقمية المشفرة برؤية إسلامية

الحوثيون يستنجدون باحفاد بلال لرفد الجبهات...ماذا يحدث؟

مصدر ميداني يكشف حقيقة سيطرة الحوثيين على الجوبه!

شاهد الصور الأولية للحوثيين من أمام منزل مفرح بحيبح بمديرية الجوبه عقب سيطرتهم عليها

عاجل...التحالف العربي يعلن تدمر مسيرة حوثية

�جهها أمامه بواباته البهية, فشـرّع مرايا القلب, علق زوّادة الشوق على كتفه, صنع من ضحكتها التي لا تفارق باله أشـرعة لسفينة حبه وأبحر نحو الشركة التي تعمل بها. دخل إلى مكتبها فوجده خاليا إلا من رائحتها, خرج وعاد بعد ساعة, سأل عنها فتملكه الخوف وتحولت عيناه إلى سحابتين داكنتين على وشك الهطول, فليس من عادتها أن تغيب عن عملها دون علمه. راوده تفكير في أن يذهب إلى بيتها, لكنه سرعان ما تراجـع, فهو لا يعرف أحدا من عائلتها وقد يسبب لها المتاعب, وظل نهاره كئيباً ولا يشبه النهارات. لم تر عيناه النوم, طول الليل وهو يتقلب في فراشه وكأنه على نار, لم يدر كيف انبثقت شمس الصـباح, نهض بتثاقل, نفض عن أجفانه غبار اليأس والسهر والطويل, اغتسل بماء بارد ولم يشرب قهوته, تحزم بشوقه الكبير وخرج. دخــل المكتب وحلم ناعم يدغدغه برؤيتها, لكنه كان بارداً وكئيبا, ألقى نظرة يائسـة على كرسيها, فوجده حزيناً هو الآخر على غير عادته, ومع المرارة التي مضغها تساءل:"ترى ماذا حصل لها؟ لماذا دخلت في سراديب الغياب دونما همســة أو قبلة على الروح؟" جلس من القــرب من طاولتها وانتظر على الرغم من أن مرافىء البهجة مفقودة, انتظر إلى أن دخل أحد الموظفين, وأخـــبره بأنها لم تأت إلى عملها منذ ثلاثة أيام ولا يعرف عنها أي شيء, تخبط داخل نفسه, تركبت الصور أمام عينيه, واســتيقظت مواجع الروح, غادر المكتب بقلب شارد, وقف خارج الشركة ينتظرها, ظل يبحر في أوردة اللقاء ساعة كاملة وبعدها أحس بالاستسلام, فجأة رســم لنفسه طريقاً لم تكن تؤدي إلا إلى بيتها, واصل سيره بخطوات ســـــريعة, وقد صمم على أن يذهب إلى بيتها مهما كلفه ذلك من أمر. قال لها مرة: ماذا تتمنين يا أعز الناس؟ ردت بلا تردد: أن أراك أمامي في كل الأوقات. ها هو الآن يتمنى أن يراها أمامه, وقد باتت أمنيته الوحيدة, صعد الدرج وهو لا يعرف ماذا ســــيقول لو لم يجدها, طرق الباب بهدوء فلم يسمع جواباً, وباباً لم يفتح, انتظر لدقــائق, ازدادت نبضات قلبه, وكاد يدخل في حقل الفوضى, قال له قلبه أشياء كثيرة, أشـــياء ألقت في أعماقه الهواجس, طرق الباب مــــــرة أخرى, وهذه المرة بقوة, فترنح نهر من الخيبة على وجهه, وبدا كل شيء أمــــامه على وشك الاحتضار. هبط الدرج والحيرة تكاد تلقي به في واد ســحيق لا نهاية له, وفي الشارع الخالي من المارة والسيارات همس لذاته:"إلى متى ســـأظل وليمة لهذا العذاب الذي يمر من عينيَّ؟.. إنها حياتي ولا أستطيع الابتعاد عنها". عقارب الساعة تجاوزت الثالثة وهو يمتطي صــهوة الريح, يسير كحصان أضاع طريقه في روابي العمر, ينسج صرخات صامتة في الهواء, يبحث عن الوجه الممعن في الغياب. كان يبدو مثل غريب في مدينة غريبة, حملته أفكاره إلى مساحات من القسوة والضجر, وقبل أن يسـقط في فجوة الضياع, دخل إلى الحديقة التي جمعته بها مرات ومرات, ألقى بجسـده المتعب فوق المقعد الخشبي الذي رآه هو الآخر حزينا, وقبل أن يســـأله عنها قال والحسرة تعرّش في حناياه:" لا اعرف أين اختفت.. بحثت عنها في كل مكان ولم أجدها.. أكاد افقد أعصابي ولا ادري إن كانت قد بقيت لديَّ أعصاب". لم تعد له شرفة يحط عليها عصافير الفرح, فتأبط حقائب الأحزان وغادر الحديقة, لم يكن يدري إلى أين يذهب, قطع شــوارع ثرثارة, دخل في حواري وأزقة ضيقة ونظراته بين قدميه, كل شـــيء غادر ذاكرته إلا وجهها فقال في نفسه:" ســـأمنحها روحي لو وجدتها ولن اسمح لها أن تغيب عني مرة أخرى:. مثل من لا يرى ولا يســمع كان يتابع سيره, حتى انه لم يشعر بالجوع وكأنه قد فقد شهيته وأحاسيسه, رجاه جسـده أن يستريح قليلاً, ويبعد عن نفسه الكآبة, دخل إلى حديقة صـغيرة قريبة من أحد المشافي, جلس, تنفس بعمق, مسـح عرقه براحة كفه, تمدد فوق العشــب الناعم وراح يستمع إلى حوارات العصافير وأحاديث الأشجار وهو يحضنها بحنان, يداعب شعرها ويديها وخديها, وفجأة أرسل بصره نحو السماء ورجاها أن تزنره باللقاء. شعر بالعذاب يدنو منه, فاسـتجمع بعضه ونهض, وما إن بدأ الخطوة الأولى حتى سمع صوتاً أنثوياً يرتفع من باحة المشفى, ألقى بنظراته نحو مصدر الصوت, فشـاهد امرأة في عقدها الخامس تستغيث: ـ أرجوكم ساعدوني.. طار كل تعبه دون أجنحة أو عيون, اقترب منها: ـ ماذا بك يا خالة؟ ـ أرجوك ساعدني.. دهست سيارة ابنتي وهي بحاجة إلى الدم. زرع الفرح في داخلها, هرول إلى الداخـل بعدما طلب منها أن تتبعه, كشف عن ساعده وطلب من الطبيب أن يأخذ الدم الذي يريده, وكم كانت فرحته كبيرة عندما تطابقت زمرة دمه مع دمها. بعد ثلاث ساعات, ارتفعت الزغاريد في ســماء المشفى, أما هو فبدا كمن يمتلك الدنيا كلها, تمنى للمرأة الخير ولابنتها الشــفاء التام, ودعها وأراد الخروج ليكمل مهــمة البحث عن الوجه المفضل لديه, لكن المرأة أصرت على أن يدخل إلى غرفة ابنتها لتقدم له الشـكر بنفسها, وما أن دخل حتى اهتزت الروح وتفجرت ينابيع الدهشة.

الخبر التالي : أتعبني الموت أماه

الأكثر قراءة الآن :

هام...قيادي بارز في المجلس الانتقالي يُعلن استقالته(الإسم)

رئيس مجلس الشورى يحث واشنطن على ممارسة ضغط أكبر على الحوثيين !

منظمة ميون تجدد مطالبتها للحوثيين بفك الحصار على مديرية العبديه

بحوزة سعودي ومقيم...السلطات السعوديه تحبط تهريب شحنة مخدرات ضخمة

الخدمة المدنية تعلن يوم الخميس اجازة رسمية

مقترحات من