2018/10/16
بالصور.. الإمارات تستأجر مرتزقة أمريكان واسرائيلين للقيام بأعمال إغتيالات في اليمن
حاملين بندقيات رشاشة وفي افواههم حلوى اللولي بوب، يجلس الجنود السابقون في قوة القبعات الخضراء بداخل مدرعة تجوب الشوارع المظلمة لمدينة عدن، الى جانب اثنان من قوات المارينز كانوا مكلفين بالمهمة.

بوصفهم صفوة قوات العمليات الخاصة الأمريكية، فقد تلقوا سنوات من التدريب المتخصص على يد الجيش الأمريكي لحماية الولايات المتحدة لكنهم الآن يعملون لسيد آخر، شركة امريكية خاصة استأجرتها الإمارات العربية المتحدة، ملكية صحراوية صغيرة تقع على الخليج الفارسي.

في تلك الليلة 29 ديسمبر 2015 كانت مهمتهم تقتضي تنفيذ عملية اغتيال.

كان هجومهم المسلح ، الذي وصف لـ BuzzFeed News من قبل اثنين من المشاركين فيه والمدعم بتصوير مسحي من خلال طائرة بدون طيار، هو أول عملية في مشروع ربحي مذهل. لعدة أشهر في اليمن التي مزقتها الحرب ، عمل بعض الجنود الأميركيين الأكثر تدريباً في مهمة مرتزقة غامضون رسمياً لقتل رجال دين بارزين وشخصيات سياسية إسلامية.

كان هدفهم في تلك الليلة: أنصاف علي مايو ، القائد المحلي لحزب الإصلاح الإسلامي. تعتبر الإمارات أن الإصلاح هو الفرع اليمني لجماعة الإخوان المسلمين العالمية، والتي تسميها الإمارات منظمة إرهابية. يصر العديد من الخبراء على أن حزب الإصلاح ، الذي فاز أحد أعضائه بجائزة نوبل للسلام ، ليس جماعة إرهابية ويقولون انه حزب سياسي شرعي لا يهدد دولة الإمارات من خلال العنف، بل بالتحدث ضد طموحاتها في اليمن.

كانت خطة المرتزقة هي وضع قنبلة موصولة بشظايا على باب مقر الإصلاح الذي يقع بالقرب من ملعب كرة قدم في عدن ، وهي ميناء رئيسي يمني. يقول احد قادة المهمة: "كان من المفترض أن يدمر الانفجار المكتب ويقتل جميع من فيه".

عندما وصلوا في الساعة 9:57 ليلاً ، كل شيئ كان يبدوا هادئاً، الرجال تسللوا من سيارات الدفع الرباعي ، والبنادق على أهبة الاستعداد. حمل أحدهم الشحنة المتفجرة نحو المبنى. ولكن عندما اوشك على الوصول إلى الباب ، فتح عضو آخر من الفريق النار، وتبادلوا اطلاق النار مع مصدر رصاص اخر على طول الشارع الخافت ، وفشلت خطتهم التي كانت مصممة بعناية.

كانت العملية ضد مايو - وعرفت كذلك في ذلك الوقت ولكن لم يكن معروفًا من قبل ان مرتزقة أميركيين - يمثلون هذه النقطة الجوهرية  في الحرب داخل اليمن ، الحرب الوحشية التي جوعت الأطفال، وقصفت القرى، وأتت بالأوبئة كالكوليرا للسكان المدنيين. وكان هذا التفجير هو أول هجوم في سلسلة من الاغتيالات التي لم يعرف مرتكبها وأدت إلى مقتل أكثر من عشرين من قادة الجماعة.

الشركة التي استأجرت الجنود ونفذت الهجوم هي Spear Operations Group ، التي تأسست في ولاية ديلاوير وأسسها أبراهام جولان، وهو متعاقد أمني هنغاري اسرائيلي وصاحب كاريزما عالية، يعيش خارج بيتسبرغ وقاد تلك العملية ضد مايو.

تقود الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تحالفًا من تسعة بلدان في اليمن، حيث يخوضون حربًا بالوكالة ضد إيران. تساعد الولايات المتحدة الجانب السعودي الإماراتي من خلال توفير الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية وغيرها من أشكال الدعم.

لم يستجب المكتب الصحفي لسفارة الولايات المتحدة في الإمارات العربية المتحدة ، بالإضافة إلى شركة هاربر جروب التابعة لشئونها العامة، لإجراء اي مكالمات هاتفية ولم يردوا على رسائل البريد الالكتروني المتعددة.

إن الكشف عن أن الامارات استأجرت الأمريكيين لتنفيذ الاغتيالات تأتي في لحظة يتركز فيه اهتمام العالم على القتل المزعوم للصحافي المعارض جمال خاشقجي من قبل المملكة العربية السعودية ، وهو نظام استبدادي له علاقات وثيقة مع كل من الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة. (لم ترد السفارة السعودية في الولايات المتحدة على طلب التعليق حول الأمر، وقد نفت الرياض أنها قتلت خاشقجي ، رغم أن تقارير إخبارية تشير إلى أنها تفكر في إلقاء اللوم على استخدام اساليب خاطئة اثناء استجوابه).

وقال جولان نه وخلال فترة عمل شركته في اليمن، كان فريقه مسؤولاً عن عدد من الاغتيالات البارزة في الحرب، رغم أنه رفض تحديد أي منها. وقال إن الولايات المتحدة بحاجة إلى برنامج اغتيال مماثل للنموذج الذي نشره.
 "أنا فقط أريد أن يكون هناك نقاش"، يقول. "ربما أنا وحش، ربما يجب أن أكون في السجن، ربما أنا شخص سيئ، لكنني محق ".

تمثل مهام الاغتيالات الخاصة التي تقوم بها Spear Operations Group التقاء ثلاثة تطورات من شأنها تغيير شكل الحرب في اي مكان حول العالم:
- تحويل شكل مكافحة الإرهاب الحديث بعيداً عن اهدافه العسكرية التقليدية - مثل تدمير مناطق القتال العسكري، أو مواقع المدافع، أو الثكنات، الى قتل أفراد معينين، وإعادة تشكيل الحرب إلى حد كبير في الاغتيالات المنظمة.
- أصبحت الحروب مخصخصة بشكل متزايد، مع قيام العديد من الدول بالاستعانة بمصادر خارجية لخدمات الدعم العسكري للمقاولين الأمنيين الخاصين، مما جعل القتال في الخطوط الأمامية بمثابة الوظيفة الوحيدة التي لم تتعاقد الولايات المتحدة والعديد من الجيوش الأخرى فيها لمشاريع ربحية.
- اعتمدت الحروب الأمريكية الطويلة في أفغانستان والعراق بشكل كبير على قوات النخبة الخاصة، مما أنتج عشرات الآلاف من الكوماندوز الأمريكيين المدربين تدريبا عاليا مكنهم من المطالبة بمرتبات عالية من القطاع الخاص للتعاقدات الدفاعية أو العمل كمرتزقة بشكل صريح.
 خلال مهمة Spear Operations Group في اليمن، تقاربت هذه الاتجاهات في أعمال جديدة ومحرقة: تعاقدات قتل عسكري والذي نفذه مقاتلون امريكيون مهرة.

ويقول الخبراء انه من غير المتصور أن الولايات المتحدة لم تكن تعلم أن الإمارات وهي التي تدربها وتسلحها على كافة المستويات تقريبا، قد استأجرت شركة أمريكية يعمل بها قدامى المحاربين الأمريكيين لتنفيذ برنامج اغتيالات في حرب تراقبها عن كثب.

وكان أحد المرتزقة- وفقاً لثلاثة مصادر على دراية بالعملية- يعمل مع "الفرع الميداني" التابع لوكالة الاستخبارات المركزية الامريكية، وهو ما يوازي قوات الجيش الخاصة. فيما كان آخر رقيب قوات خاصة في الحرس الوطني المسلح لولاية ماريلاند، وآخر- وفقاً لأربعة أشخاص عرفوه- كان لا يزال في قوات الاحتياط البحرية ولديه تصريح سري للغاية. لقد كان أحد المخضرمين في فريق SEAL 6 او DEVGRU (قوات البحرية الحربية الخاصة التابعة للبحرية الأمريكية) حسبما أفادت مصادر BuzzFeed News.
وصفت صحيفة نيويورك تايمز ذات مرة وحدة النخبة، الشهيرة بقتل أسامة بن لادن بأنها "آلية إبادة بشرية عالمية مع إشراف خارجي محدود".

وقالت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية إنه ليس لديها أي معلومات عن برنامج الاغتيال الذي ينفذه المرتزقة، ورفضت قيادة الحرب الخاصة بالبحرية التعليق فيما أخبر مسؤول سابق في وكالة الاستخبارات المركزية عمل في الإمارات العربية المتحدة في البداية BuzzFeed News أنه لا سبيل إلى السماح للأمريكيين بالمشاركة في مثل هذا البرنامج. ولكن بعد ان تحقق من الأمر عاود الاتصال قائلاً: "لقد كان هناك أشخاص يقومون بشكل أساسي بما قلتموه". كان مندهشًا واضاف: "لكن ما هي إجراءات التدقيق للتأكد من أن الرجل الذي اشرتم اليه هو حقًا رجل سيئ؟" واضاف: إن المرتزقة كانوا "تقريباً مثل فرقة قتل".

وسواء كان من غير الواضح ان عملية مرتزقة Spear تنتهك القانون الأمريكي ام لا وهو امر مفاجئ، فمن ناحية أخرى فإن قانون الولايات المتحدة ينص على انه من غير المشروع "التآمر لقتل أو خطف أو تشويه" أي شخص في بلد آخر، ومن المفترض أن تقوم وزارة الخارجية بتنظيم عمل الشركات التي تقدم خدمات عسكرية إلى دول أجنبية، في حين قالت الأخيرة انها لم تمنح أبداً أية شركة سلطة تزويد القوات المقاتلة أو المرتزقة في دولة أخرى بأي مساعدة.

ومع ذلك ، وكما ذكرت أخبار BuzzFeed سابقًا، فإن الولايات المتحدة لا تمنع المرتزقة، ومع بعض الاستثناءات، فمن القانوني تماما أن يخدم هؤلاء في الجيوش الأجنبية، سواء كان المرء مدفوعاً بالمثالية أو المال دون أي تبعات قانونية ، خدم الأميركيون في جيش الدفاع الإسرائيلي، والفيلق الفرنسي الخارجي، وحتى ميليشيا تقاتل داعش في سوريا.
 رتبت Spear Operation Group- وفقا لثلاثة مصادر- مع الإماراتلإعطاء رتبة عسكرية للأميركيين المشاركين في المهام لتوفير الغطاء القانوني اللازم لهم حال احتياجه.

على الرغم من العمل في منطقة رمادية قانونياً وسياسياً، فإن جولان يقدم علامته التجارية الخاصة المتعلقة بالاغتيالات المستهدفة كاستراتيجية دقيقة لمكافحة الإرهاب بأقل عدد من الضحايا المدنيين. لكن عملية مايو تشير إلى أن هذا الشكل الجديد من الحرب يحمل العديد من المشاكل القديمة نفسها: احباط خطط الكوماندوز  وفشل عمل الاستخبارات.
 كانت ضربتهم غير ذات جدوى اذ ان العبوة الناسفة التي علقت على باب المقر صممت لقتل جميع من في المكتب وليس شخصاً واحداً فقط.

بالإضافة إلى الاعتراضات الأخلاقية ، تضيف الاغتيالات الموجهة للربح معضلات جديدة للحرب الحديثة، اذ يعمل المرتزقة خارج سلسلة القيادة العسكرية الأمريكية ، لذلك إذا ارتكبوا أخطاء أو جرائم حرب ، فلا يوجد نظام واضح لمحاسبتهم. إذا كان المرتزقة قد قتلوا مدنيًا في الشارع، فمن سيحقق في الأمر؟

تكشف مهمة مايو مشكلة أكثر مركزية: اختيار الأهداف، يصر جولان على أنه قتل فقط الإرهابيين الذين حددتهم الامارات ، حليف الولايات المتحدة. لكن من هو الإرهابي ومن هو السياسي؟ ما هو شكل جديد من أشكال الحرب وما هو مجرد قتل من الطراز القديم بالإيجار؟ من له الحق في اختيار من يعيش ومن يموت؟ ليس فقط في حروب دولة مثل دولة الإمارات ، بل أيضاً في ديمقراطية مثل الولايات المتحدة؟

جمعت  BuzzFeed News القصة من الداخل لهجوم هذه الشركة على مقر الإصلاح، وكشفت عن طبيعة حرب المرتزقة الآن وماذا يمكن أن تصبح.

الصفقة التي جلبت المرتزقة الأمريكان إلى شوارع عدن تم ابرامها على وجبة غداء في أبو ظبي، في مطعم إيطالي في نادي الضباط في قاعدة عسكرية إماراتية. جولان وضابط سلاح البحرية الأمريكية السابق إسحاق غيلمور الذي طارا من الولايات المتحدة لتسوية الصفقة التي لا يبدوا انها سارت في البدء بشكل جيد، يقول غيلمور. 

كان مضيفهما هو محمد دحلان، رئيس جهاز الامن الوقائي السابق في السلطة الفلسطينية، في بدلة مصممة بشكل جيد نظر إلى مرتزقتة الضيوف ببرود وقال لجولان أنهم في سياق آخر سيحاولون قتل بعضهم البعض.

وبالفعل، كانا ثنائي غير متوقع. جولان الذي يقول إنه ولد في هنغاريا لأبوين يهوديين ، يحافظ على علاقات طويلة الأمد داخل إسرائيل بسبب عمله الأمني حسب مصادر عدة ، ويقول إنه عاش هناك لعدة سنوات. وقد شارك جولان مرة في لندن مع رئيس الموساد السابق داني ياتوم في احتفال وفقا لمقال صدر عام 2008 عن موذر جونز، وكان تخصصه "توفير الأمن لعملاء الطاقة في أفريقيا". وكان أحد عقوده- وفقا لثلاثة مصادر - حماية السفن اثناء التنقيب عن حقول النفط البحرية النيجيرية من التخريب والإرهاب.

جولان، الذي يظهر بلحية كاملة ويدخن سجائر المارلبورو الحمراء، يشع الحماس.
"بائع جيد" هو الوصف الذي وصفه به مسؤول سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية،  جولان نفسه يقرأ جيداً، وغالباً ما يستشهد بالفلاسفة والروائيين، يقتبس من أندريه مالرو: "ليس الإنسان هو ما يعتقده بل ما يخفيه".

يقول جولان إنه تلقى تعليمه في فرنسا، وانضم إلى الفيلق الأجنبي الفرنسي ، وسافر حول العالم، وكثيراً ما كان يقاتل أو ينفذ عقوداً أمنية. في بلغراد كما يقول ، تعرّف على المقاتل شبه العسكري ورجل العصابات زليجكو رازناتوفيتش المعروف باسم Arkan والذي اغتيل في عام 2001، يقول: "أحترم أركان كثيراً".

لم يتسنى لنا التحقق من بعض الأجزاء من سيرة جولان، بما في ذلك خدمته العسكرية ، لكن وفقاً لغيلمور ورجل ىخر في العمليات الخاصة الأمريكية والذي كان معه في الميدان قال إنه من الواضح أنه يتمتع بخبرة في مجال التجنيد. وقال مسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إنه يعتبر كفوءًا وقاسياً وحسّاباً. وقال ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية: "إنه ميال للمبالغة" ، لكنه قال: "بالنسبة إلى تنفيذ الأمور الجنونية فهو من النوع الذي تستأجره".

نشأ دحلان في مخيم للاجئين في غزة، وخلال انتفاضة الثمانينيات، أصبح لاعباً سياسياً رئيسياً. وفي التسعينات من القرن الماضي تم تعيينه رئيساً للأمن الوقائي في السلطة الفلسطينية في غزة ، حيث أشرف على حملة قاسية ضد حماس في عامي 1995 و 1996. وقد التقى لاحقاً بالرئيس جورج دبليو بوش وأقام علاقات قوية مع وكالة المخابرات المركزية ، حيث التقى مدير الوكالة جورج تينيت عدة مرات، كان دحلان يوصف في وقت من الأوقات بأنه قائد محتمل للسلطة الفلسطينية، ولكن في عام 2007 سقط من النعمة، واتهمته السلطة الفلسطينية بالفساد، وحماس بالتعاون مع وكالة المخابرات المركزية وإسرائيل.
هرب الرجل الذي بات بلا بلد إلى الإمارات ويقال إنه يعد نفسه كمستشار رئيسي لولي عهد الإمارات محمد بن زايد آل نهيان ، المعروف بأنه الحاكم الحقيقي لأبو ظبي. ضابط وكالة المخابرات المركزية السابق الذي يعرف دحلان قال ، "إن الإمارات  أخذته واعتبرته كلب الـ Pit bull خاصتها".

والآن وخلال مأدبة الغداء في نادي الضباط، تحدى كلب الـ Pit bull زواره ليخبروه بما هو مميز عن المقاتلين الأمريكيين، لماذا يمكن ان يكونوا أفضل من الجنود الإماراتيين؟

رد جولان بتبجح معلماً دحلان بأنه قادر على إطلاق النار، والتدريب، والركض، والقتال بشكل أفضل من أي جندي في الجيش الإماراتي، قال: أعطني أفضل رجل وسأضربه، أي احد.

اشار الفلسطيني إلى ضابطة معاونة شابة تجلس بجوارهم وقال: إنها أفضل رجل لي، ازالت النكتة التوتر واستقر الرجال متناولين طعامهم الذي كان مكرونة السباغيتي، حسب توصية دحلان.
يتبع..





تم طباعة هذه الخبر من موقع يمن برس https://yemen-press.net - رابط الخبر: https://yemen-press.net/news103860.html