2016/02/21
تركيا تتناغم مع السياسة الخليجية بدعم الشرعية في اليمن
يزداد التناغم التركي مع سياسات دول الخليج العربي يوماً بعد يوم، بأثر رجعي لتقارب وجهات النظر وتوثق عرا العلاقات بين الطرفين، الذي بدأته السياسة القطرية في وقت مبكر، إدراكاً منها لأهمية تركيا وتأثيرها في أحداث الشرق الأوسط والعالم.

وبعد تولي الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد السلطة في المملكة العربية السعودية، ارتقت علاقات البلدين لتتجاوز مرحلة التنسيق الدبلوماسي والتوافق حول قضايا المنطقة، وتصل إلى مستوى العلاقات الاستراتيجية والتنسيق العسكري.

وفي هذا الإطار يمكن تصنيف احتفاء أنقرة بزيارة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يوم الثلاثاء (2016/2/17) التي وصلها صحبة وفد حكومي رفيع، ضم نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية عبد الملك المخلافي، ووزير التخطيط والتعاون الدولي محمد الميتمي، ووزير الصحة ناصر باعوم، ووزير النقل مراد عبد الحي، إضافة إلى مستشاري الرئيس، عبد الوهاب الأنسي، وعبد الوهاب الحميقاني.

حيث بحث هادي مع القيادة التركية أزمة بلاده المتصاعدة منذ أكثر من عشرة أشهر، وتفعيل اتفاقيات التعاون في المجال الصحي، ومعالجة جرحى الحرب، والمجال التنموي، وإعادة الرحلات الجوية بين البلدين إلى عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد.

زيارة الرئيس اليمني جاءت بعد أسبوع من الذكرى الخامسة لثورة فبراير، وهو ما حمل المراقبين على اعتبارها دعماً للشرعية التي يدعمها التحالف العربي الذي تقوده السعودية.

حيث التقى عبد ربه منصور هادي، رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، والرئيس رجب طيب أردوغان الذي وجه الدعوة لهادي منذ أغسطس/آب الماضي، وبدت أنقرة أكثر ترحيباً بهادي كرئيس لليمن، تماشياً مع النفس الخليجي الذي يقترب بشكل لافت من تحرير صنعاء، ويقوم بخطوات متقدمة لفرض الأمن في عدن وغيرها من المدن المحررة التي تشكل 80% من مساحة اليمن حالياً.

- أبرز لفتات الزيارة وخطط المستقبل
أردوغان أعلن رسمياً أن بلاده "ستقف إلى جانب اليمن في هذه الأيام المضطربة"، وأعرب عن أمله في أن يتم تأسيس "سلطة الدولة الشرعية في اليمن من جديد"، قائلاً: إن "التوصل إلى حل دائم في اليمن ممكن فقط عبر الحوار السياسي القائم على احترام سلطات الدولة الشرعية"، مؤكداً ضرورة "التزام جميع الأطراف بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 بهذا الخصوص".

وتجديداً لتأييد أنقرة للثورة اليمنية، التي جاءت زيارة هادي بعد أسبوع من ذكراها الخامسة، أفاد أردوغان أنه يتم خنق مطالب الديمقراطية والحرية في اليمن، وتعزيز الانقسامات المذهبية، مضيفاً أن "اليمن في الأصل مثل تركيا، شهدت عيش المنتمين إلى مذاهب مختلفة بسلام بعضهم مع بعض لمئات السنين"، مؤكداً أن "اختلاف المذاهب لا يمثل خطراً ولا تهديداً، بل على العكس؛ يمثل ثراء".

لهجة الرئيس هادي كانت قريبة من تحذير أنقرة من مغبة التحركات الإيرانية في المنطقة، طامحة إلى مساهمة تركية في دعم الاستقرار الذي يسعى له اليمن، حيث قال إنه بحث مع أردوغان التدخل الإيراني في شؤون اليمن الداخلية، وعمليات التحالف العربي ومكافحة الإرهاب في بلاده.

- تكثيف مقبل للمساعدات التركية
ورغم أن تركيا ومنذ انقلاب الحوثيين قدمت العديد من المساعدات للاجئين اليمنيين، وأعلنت وزارة خارجيتها في مايو/أيار الماضي، عن إيصال المساعدات لليمنيين الموجودين في جيبوتي، وقالت إنها ستُوظّف جميع إمكاناتها المتاحة لإغاثتهم، جاءت زيارة هادي مبشرة بتكثيف تلك المساعدات وإيصالها إلى الداخل اليمني.

حيث أشار أردوغان إلى أن تركيا أرسلت مساعدات إنسانية إلى اللاجئين اليمنيين في جيبوتي، مضيفاً أن سفينة محملة بـ6 آلاف طن من المساعدات غادرت ميناء مرسين التركي، ويتوقع وصولها إلى عدن جنوبي اليمن في 21 من فبراير/شباط.

ووعد أردوغان بأن ترسل مزيد من سفن المساعدات من تركيا، مضيفاً أنه طلب من وزير الصحة التركي إنشاء مستشفى ميداني في عدن، وإرسال أطباء أتراك إليه لعلاج الجرحى اليمنيين، كما أنه في حال هدوء الأوضاع في تعز سيتم إنشاء مستشفى ميداني هناك أيضاً.

- الاحتضان التركي لليمنيين
بدت علاقة تركيا المباشرة بالحكومة اليمنية الشرعية، غير صريحة جداً بعد انقلاب الحوثيين، لكنها أكدت وقوفها إلى جانب الحكومة الشرعية، ممثلة بالرئيس هادي، واستعدادها للمساهمة في إعادة إعمار ما خلفته الحرب، وذلك على لسان سفيرها في اليمن، فضلي تشورمان، الذي التقى هادي في عدن قبيل انطلاق عمليات عاصفة الحزم بأسبوعين.

رسمياً، أصدر وزير الخارجية اليمني، رياض ياسين، بعد أسبوعين من انطلاق "عاصفة الحزم"، قراراً بتكليف الناشطة اليمنية توكل كرمان، بالقيام بأعمال وكيل وزارة الخارجية لشؤون أوروبا والشرق الأوسط، وستمارس عملها من مقر السفارة اليمنية في تركيا.

وتعتبر كرمان من أشد المعارضين للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، وافتتحت في تركيا أيضاً قناة فضائية منذ قرابة عام أسمتها "بلقيس" وتبث من إسطنبول.
كما حصلت كرمان بعد عام من حصولها على جائزة نوبل للسلام، على الجنسية التركية، تكريماً لها على الدور الذي قامت به من أجل بلادها.

كما تضم تركيا عدداً من المؤسسات الإغاثية اليمنية ووسائل إعلامية، إضافة إلى استضافة آلاف اليمنيين الفارين من الحرب، من ضمنهم الشيخ القبلي ورجل الأعمال حميد الأحمر.

تاريخياً، ترتبط اليمن وتركيا بروابط اجتماعية وثقافية أزلية، أبرز تلك الروابط: الأعداد الهائلة من العائلات اليمنية التي أقامت في تركيا، والعائلات التركية التي فضلت البقاء في اليمن، ولم تغادر البلاد عقب مغادرة العثمانيين عام 1918.

وكان لوجود العثمانيين في اليمن تأثير في حياة اليمنيين بالجانب العمراني والتجاري، وحتى في الجانب اللغوي، وفقاً لباحثين، حيث ما تزال بعض الكلمات التركية تستخدم في الحياة اليومية اليمنية.
 
تم طباعة هذه الخبر من موقع يمن برس https://yemen-press.net - رابط الخبر: https://yemen-press.net/news68395.html