السبت ، ٢٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:١٣ صباحاً

نفاذ الفقير هائل سعيد أنعم!

فكري قاسم
الاربعاء ، ٢٣ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
من حق الموظفين والعمال في إمبراطورية هائل سعيد أنعم، أن يحصلوا على أجور وامتيازات أفضل، لأنهم –أصلا- لا يعملون في مصانع وشركات لمجموعة من آكلي السُّحت.

من حق عمال مصانع وشركات مجموعة هائل أن تكون لهم نقابات عمالية، وليس من حق أرباب العمل فيها أن يتذمروا من ذلك. وأما السؤال الذي يثير التعجب بالفعل هو على نحو: لماذا "يتنصعون" هذه المجموعة بالذات؟ وهل الأمر له علاقة بسلوكها المدني وبقدرة محركي اقتصادها الذكي على النفاذ والنجاح أكثر؟

انسوا قليلا أن آل هائل من ذوي البلايين، وجربوا الانتباه -للحظات قليلة فقط- إلى آدميتهم، وإلى كونهم أسرة تدير إمبراطوريتها الاقتصادية بأخلاقيات الناس البسطاء.

هل سمع أحدكم، ولو لمرة واحدة، من قبل، أن أحدا من آل هائل سعيد أنعم أهان مواطنا أو صفع شرطي مرور، أو مر من شارع بموكب مدجج بالسلاح؟

هل سمع أحدكم من قبل أن واحدا من أبناء هذه الإمبراطورية الاقتصادية، أهان موظفا أو تعامل معهم باعتبارهم مجرد سخرة أو عبيد لديهم؟

هل التقى أحدكم مرة بأي شخص من أبناء هذه الأسرة، ووجد فيه شيئاً من الغرور أو من الغطرسة، أو شيئاً من اللامبالاة بالناس وبالقانون؟

هل سمع أحدكم، ولو لمرة واحدة، أن واحدا من آل هائل سعيد نهب أرضية، أو أطلق الرصاص، أو استعان بمن يقومون بتلك المهمة نيابة عنهم؟

هل سمع أحدكم، ولو لمرة واحدة، أن مجموعة هائل سعيد أنعم لم تدفع الضرائب للدولة، أو تخلت عن واجباتها والتزاماتها تجاه البلد؟ اذهب إلى صعدة أو إلى حضرموت -من أقصى اليمن إلى أقصاه- ستجد مدرسة أو طريقاً أو مسجداً أو مستوصفاً أو بئراً، أو مرفقاً تعليمياً، بني على نفقة المجموعة كواجب اجتماعي ووطني منها تجاه إنسان بلدها، وليس كمجرد دعاية انتخابية، أو ترضية لكسب تأييد الشيخ فلان، أو المُهرب فلان، أو المسؤول زعطان.

عشرات آلاف من الحالات الإنسانية بين: مرض، وفاة، زواج، عتق رقاب، حل نزاعات، مساعدات لأسر فقيرة، وغيرها من الأشياء النبيلة التي يقوم بها غالبية من في هذه الأسرة، لا طمعا بجاه ولا مجاملة لأحد، بل لنوازع إنسانية تتربى في وجدانهم الجمعي كبشر عرف آباؤهم المؤسسون معنى الحاجة ومعنى الألم.

البلد زاخر برؤوس مال، بعضهم يمتلكون أكثر مما يمتلكه هؤلاء، ولا يذاع لهم صيت، لأنهم بالنسبة لواجباتهم الاجتماعية تجاه البلد والناس، ليسوا أكثر من مجرد جالية اقتصادية تمتلك وفرة من المال وقليلاً من المروءة، لا يقتربون من معاناة الناس، أو لا يعنيهم ذلك في الغالب.

لماذا تصير هذه المجموعة العملاقة بإدارتها وأخلاقياتها، هدفا -هذه الفترة- لكل "نصع" لئيم؟

قطعا، ليست الأرباح المالية المهولة التي تحققها هذه الإمبراطورية الاقتصادية هي المشكلة التي تجعل ثلة من الطامحين الجدد "يتنصعونها"، بل في الصيت الحسن. وأولئك الطامحون المتكئون على مال ذي نفوذ، يعرفون جيدا أنه ليس بوسعهم النفاذ إلى الصيت بجهد أقل، وبنادق أكثر! وما يحدث خلال الفترة الأخيرة من شتائم وتحريض ضد نشاط هذه المجموعة في محافظات مدنية مثل تعز وعدن والحديدة، يثبت جيدا أن الطامحين الجدد يريدون النفاذ عبر جهد أقل، وبنادق أكثر.

لا أدافع أبدا عن شرعية مال هذه المجموعة من عدمه، لا يعنيني ذلك أساسا، لست أحد ورثة المرحوم، إنني أدافع فقط عن محاولات استهداف مدنية رأس المال.

إنني أدافع ضد جعل الفوضى مبررا للتغيير القادم. إنني أدافع عن أكل عيش 20 أسرة من جيراني جميعهم موظفون هناك، ويعيشون على ضجيج صوت استمرار دوران التروس والمكائن والآلات، إن توقفت، يتوقف الزمن بالنسبة لهم.

إنني أدافع عن المدنية في تعز وعدن والحديدة، حيث قرابة 12 ألف موظف يعيشون على صوت المكائن، لا على صوت الرصاص. إنني أدافع عن الفرق بين النفاذ والنفوذ، الفرق بينهما كبير ويشبه –تماما- الفرق بين الثراء القادم من علو، والثراء القادم من بين أوساط الناس.

*الأولى