الثلاثاء ، ٢١ مايو ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٢٥ صباحاً

واسقني بالعز كأسك يا يمن..!

د . أشرف الكبسي
الثلاثاء ، ٠٣ يوليو ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
واهم كل الوهم ، من يعتقد أن اليمنيين – شباباً وشيبانا ، رجالا ونساءا - خرجوا إلى ساحات الثورة والتغيير ليملئوا بطونهم الخاوية بكسرة خبز يهبها لهم شقيق أو جرعة ماء يمنحها لهم صديق ، فقد كانوا - وما يزالون - أهل الكرامة والعفة والعزة ، هم بعينهم من تحسبهم اغنياء من التعفف ، تأبى نفوسهم الشريفة مهانة التقاط الفتات من موائد الأقرباء عدى عن الغرباء ، وإنما خرجت جموع اليمنيين اليوم لاستعادة حقهم – أولاً وقبل كل شيء - في رفع هاماتهم عالياً بعد أن احنت ظهورهم سياسات التسول الرسمي التي مارستها – وتمارسها – مفردات من نخبة النفوذ المتصارعة على مقاليد السلطة والحكم.

نعم .. قد تكون (دولة) اليمن اليوم فقيرة في استغلال الموارد ، شحيحة في إدارة الامكانات ، خذلها عبث بعض ابنائها ، فهانت في عيون اشقائها وأصدقائها ، لكن شعبها المؤمن الصابر ، يعرف يقيناً أن هناك طريقتان ليكون غنياً : أن يمتلك الكثير ، أو أن يقنع بالقليل ، وهو قطعاً قد ارتضى الخيار الثاني حفاظاً على ثروته الحقيقية التي لا تخطئها عين : حقول الشرف والكرامة ، ومناجم رجالات الإيمان والحكمة... تاريخها يخبرك أنها منشأ الحضارة ورافد الثقافة ، وحاضرها يهمس في اذنيك : أنت اليوم من الفقراء ، بميزان الإقتصاد والثروة ، لكنك من الأغنياء في ميزان العزة والثورة ، فأنت الكريم من نسل الكرماء ، وسليل سيد البشرية جمعاء ، من جاع وجاع لكنه كان وسيبقى سيد العظماء ..!

واليوم ونحن نشهد حملات المساعدات (والصدقات) ولاسيما في الخليج والإمارات ، والترحيب الرسمي بها وبغيرها دونما استحياء ، يتساءل البعض : ألسنا نحن أهل (كف الفك وفك الكف) ، أليس حري بنا (حكومة وشعبا) أن نطعم جوعانا وأن نقتسم بعزة قليل ما لدينا قبل أن نتسول هنا وهناك ، ونقبل الإحسان والهبات! وهل استنفذنا فعلاً كل جهودنا وخياراتنا الوطنية قبل اللجوء إلى الغير!! وكيف نقبل مهانة السؤال وما يزال فينا رجال وأعمال ومشايخ اثرياء ومغتربين ووزراء أغنياء ، ومازالت تتزين بالذهب مقابض (الجنابي) ونحور النساء..!!
ختاماً ...إذا ما قرأنا بصدق وجوه اليمنيين وضمائرهم ، لوجدنا مكتوباً عليها وبحروف عريضة : أعيدوا المساعدات إلى اهلها – مع عظيم امتناننا لهم - فنحن بفضل الله – وإن جاعت بطوننا -اغنياء... واسقنا بالعز كأسك يا يمن ..!!