السبت ، ١١ مايو ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٣٣ مساءً

استضافتي في قناة اليمن اليوم لا يقلل من ثورة الثائرين !

د. علي مهيوب العسلي
الأحد ، ١٦ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
بالصدفة اتصل بي واحدا من موظفي قناة اليمن اليوم فقال نريد استضافتك اليوم في الساعة التاسعة مساء هذا اليوم الجمعة الموافق الرابع عشر من ديسمبر للحديث عن الاستفتاء في جمهورية مصر العربية والذي سيبدأ يوم غد. وبدون أي تردد وافقت على الذهاب لإعطاء رأي حول الاحداث في مصر ،وكوني من أشد المعجبين بالتجربة المصرية ، وأساءني ما حل بها في الاسابيع الماضية ، ولإهتمامي الشديد بها ،فظننت أن في هذا البلد من الاعلاميين والسياسيين من يتابع كتابة وأراء المهتمين ، خصوصا وأنني كنت قد كتبت مقالا مطولا بعنوان "ثورتي مصر واليمن بين الاعلان والدستور" فاعتقدت أن هناك أسئلة تحتاج الى مناقشة وان القناة ترغب في الاستيضاح اكثر وانا اتوق لإشباع هذا الموضوع وبخاصة أنني ناقشت في مقالي المذكور مقاربة للثورتين من حيث الاعلانات الدستورية في مصر الشقيقة وتعطيل الدستور وكيف أن المبادرة الخليجية هي أيضاً بمثابة إعلان دستوري وضربت بالدستور القائم عرض الحائط ومُنح هادي صلاحية تُحصن كل قراراته السيادية والادارية بموجبها!

مقدمتي هذه ليس الغرض منها التبرير والاعتذار لأنني ذهبت إلى قناة اليمن اليوم ،وكنت من أكثر الناس أُحرض على مقاطعتها باعتبارها أداة إعلامية تحريضية ومن أنها تمارس التضليل ،فكيف والحالة هذه وافقت على ظهوري فيها ؟ ؛ فهل أنا شخص متناقض أم ما الجيد الذي أستجد حتى أغير موقفي ؟؛ سأحاول مناقشة ذلك بكل هدوء لكي يعذرني القارئ الكريم إذا اراد!

لقد هالني حجم الردود المستنكرة لذهابي وظهوري بهذه القناة فقط لمجر أن أظهر فيها فقط ، ومن هؤلاء بعض أصدقائي والذين أكن لهم كل الحب والاحترام !

لقد كان اعتراضهم فقط كيف قبلت الذهاب ،وببراءة بعضهم أتهمني باستلام مبالغ من المال ،والبعض الأخر من أصدقائي الذين تعرفت عليهم من الساحات في الثورة وكنت فخورا جدا بصداقتهم ،لكنني فوجئت برسالة من احدهم فحواها إذا ذهب الدكتور إلى القناة فعلاقتنا تعتبر منتهية ،وأخر يقول أن اخي الدكتور سيف العسلي هو الذي دفعني للذهاب ،قليل منهم جداً أفاد أنت حر فأنا أحترم اختيارك !

من خلال تلك الردود التي لم تزعجني بقدر ما تحمل من اتهامات لا أصل لها أدركت ان المستقبل في ظل هكذا تفكير لا ينبئ بخير وان الثورة لم يوفق الله نجاحها حتى الآن ليختبرنا جميعا ونصل جميعنا إلى النضج الكافي الذي يؤهلنا ببناء دولة اليمن الجديد التي تؤمن بالعلمية والتخطيط وليس بالاتهامات التي قد يُخيل للمرء من خلال مراجعته لمواقفه أنه مع الثورة ، وإذا بكيل الاتهامات من بعض ثوارها توصل هذا المدعي ربما إلى السجن لو قدر الله وصعد مثل هؤلاء الذين يحكمون على الشكل دون الخوض في المضمون!

رجعت الى نفسي وفكرت هل أكتب في هذا الموضوع أم اتركه وكل شخص هو حر بموقفه؟

فقررت تحليل هذا المشهد لعله يعطينا مؤشر للتفكير بالمستقبل، فإذا كان هذا هو تفكير ثوارنا والذي أوكد احترامي لهم ومهما كان رأيهم بما تصرفت به فهذا شيء يخصني وأنا اتحمل مسؤوليته ادبيا واخلاقيا وكذلك تاريخيا ،وأعلن في هذا المقال انني لست تابعا لتكتل أو حزب ولم أدعي تمثيل أيا كان ،ومن يقول أنني ارتكبت جريمة بحق الثوار والشهداء بظهوري في قناة من قنوات اليمن المصرح لها ويقال انها تابعة لأحمد علي صالح ،فانه لا يجب ان يروح ببالنا ان قناته ان كانت كذلك تحميه وتبقيه في منصبه ،انما من أبقاه وهو المتهم بقتل الشباب ، ولا يزال حي يرزق ، ويمارس كل مهامه حتى الآن قواته المسلحة التي لم تهيكل حتى الآن ، واذا كان هناك أي لوم فاللوم على من انتخبوا هادي الذي مازال محافظا عليه ولم يقيله ، بل سمح لقناة يعتقد أنها تتبعه أن تمارس ما تريد وبتصريح من وزير الاعلام المحسوب على الثورة ،فكان الاجدى بمن تثير ثائرته على أنني ظهرت في هذه القناة عليهم وليس عليا!

ثم أن من مثلوا باسم الثوار وطلعوا الى أعلى سلطة باسمهم ها هم اليوم يتهمون الثوار بأنهم فاشلون ،بل وأكثر من ذلك بألفاظ لا ترتقي الى الحد الأدنى من الحصافة ! ؛ فلماذا يا أعزاءي لا تثور ثائرتكم عليهم بل على شخص أقتنع أن من واجبه طالما اتيح له الفرصة على التعبير عما يريد ان يوصله وبأعلى صوت اعتمادا على ايمانه بالثورة وبالتغيير وكل ما قلته لا ينقص من ثورتكم بل في اعتقادي يترجمها ومع ذلك لا يلزمكم بشيء ولا يدعي تمثيلكم ثم لماذا لا تحركوا مسيرة مليونيه بغض النظر عن ظهوري أنا وغيري من عدمه إلى مبنى القناة وتعتصموا أمامها حتى يتم توقيفها إذا كانت هي السبب الوحيد في تعطيل ثورتكم التي أتمنى لها أن تصل إلى كامل اهدافها اليوم وليس عداً!

فعلا أعزاءي أنا اجتهدت من خلال متابعتي لما يجري في مصر الشقيقة فوجدت أن الاعلام هو الذي يفعل فعله في التهييج والتخندق ، لأن كل وسيلة إعلامية توجه جمهورها لتعميق كراهيتها للآخر ، فقررت أن أقتحم هذه النافذة طالما دعيت لأخاطب جمهور تلك القناة ، والذين هم باعتقادي معظمهم طيبون لأقول لهم أن الطرف الاخر ليس شر مطلق كما يصور لكم إعلامكم، بل قد يملك حجج ومنطق وموضوعية وصدق يفوق أضعاف ما تروجه قنواتهم وهذ هو السبب الجوهري في ذهابي وأنا مقتنع بذلك!

فعندما نزلت بإرادتي وصدق توجه الشباب الطاهر فيما نادى به ، فأعلنت انضمامي للثورة وانا على يقين من انها ستحقق ما نادت به ،لكن ما نراه الان ان الثورة صارت عصا بيد بعض القوى لتحسن شروطها التفاوضية بها ،أقول ذلك وكلي حسرة وأسف أن الثورة يراد لها أن تتحول إلى ذلك! ، فبدلا من أن يقوم الثوار بما أمنوا به نراهم متفرجين ومراقبين لمن له رأي هنا أو هناك لينتقدوه ويصبح في نظر بعضهم من الخائنين للثورة ودمائها ، بينما الحقيقة هي عكس ذلك تماماً فالثوار حتى هذه اللحظة هم المتخاذلون عن تحقيق أهدافهم ، لأنهم سلموا إدارة الثورة كما يقال لأيادي أمينة ،فاذا بقيتم على هذا الحال فسترون من كان يتعاطف معكم ويؤيدكم يتراجع عن هذا التأييد ،لأنكم أنتم من تخليتم عن أهدافكم وأصبح منكم افراداً يبحثون عن مجد شخصي بدليل أن رئيس الوزراء قد أرتكب خطيئة في حق الثوار وذهب اليه بعض منكم ليعتذروا له بدلا من إقالته !

خلاصة الامر انا لست ممن يخذلون الثوار ولن أتوانى في أي محفل أُتيح لي أن أعبر بكل قناعة عما ينشده الثوار ،وأنا لست محلا للاستقطاب لا من بقايا العهد السابق ، ولا إلى من يدّعون أنهم ثوار في الساحات وهم في نفس الوقت يتحاورون على ان الثورة ازمة وينجحون في ذلك الى حد ما ،وهم يبيعون الثورة في سوق النخاسة ،فأنا كما أنا فبل الاستضافة وبعدها ولا تغيير على الأقل من ناحيتي ، أما الاخرين ونظرتهم لي فهم أحرار فيما يعتقدون! ؛ وستكشف الايام القادمة مواقف كل إنسان يؤمن بهذه الثورة! ؛ وأتمنى من الجميع التدقيق في مضمون الاستضافة وليس الذهاب إلى القناة ! وسامح الله من أساء إليا فيما قررته باختياري وقناعتي ، وكما أعتقد وأجزم أن ذهابي إلى قناة اليمن اليوم لا يقلل من ثورية الثوار ،ولا يوقف زحفهم الى عروش من ثاروا عليهم ! أما من ناحيتي فسأضل داعما للثورة والثوار بما استطيع ، ولن أتخلى عن ذلك ما حييت !