الاربعاء ، ١٥ مايو ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٥ صباحاً

أيوب طارش عبسي... وألحان الخلود

جلال الدوسري
الثلاثاء ، ١٢ مارس ٢٠١٣ الساعة ١٠:٣٠ مساءً
.
جلال عمر الدوسري.. 11/3/2013
- هذه الصورة قديمة جداً جداً, وفريدة من نوعها.. وأعتقد أن ليس هناك مثيل لها على الإطلاق، من حيث قدمها أولاً، ثم من حيث جودتها المتمثلة بالنقاء والوضوح والبروز، والتي تعود بلا شك إلى أن ملتقطها كان مصوراً محترفاً في قمة التألق.. وقبل ذلك كله؛ أنها ألتقطت لصاحبها وهو في بداية العشرينيات من العمر.. أي وهو في بداية ريعان وعز الشباب.. وهو العمر الذي بدأ منه مشوار حياته في عالم التألق والإبداع.. والذي نستطيع القول أنه قد وصل إلى حد إعتباره أسطورة بما قدم من أعمال تقوق حدود وصفها بالمتميزة والرائعة.. وقد كان بمثابة الضمير المتكلم بما في الوجدان للوطن - الأرض والإنسان - وحتى الحيوان.. بما هي من أفراح وأحزان، وألآم وأماني، وتطلعات وأحلام.. من حب وعشق، ومن تلاقي وتداني، وبُعد وهجر وحرمان.. ولهفة الشوق والحنين، وبلسمة الجراح، للأطفال والشيوخ والشباب والصبايا الملاح.. للجندي والعامل والمغترب والفلاح..
- بألحان عذبة رقراقة صادقة ومعبرة.. أعتصرها من أعماق أعماق قلبه, لينثرها على هيئة نغمات متوهجة ساحرة تدغدغ الأحاسيس وتذيب المشاعر, وهو يداعب بأنامله الرشيقة الناعمة أوتار عوده البواح بالود والحنان.. ثم يأتي من بين ذلك مغرداً بصوته الشجي الذي يأسر القلوب ويسلب العقول.. محلقاً بها في عوالم خيالية مسكونة بالأنس والبهجة تارة، وبالحزن المعتق تارة أخرى.. بحسب ما أمتلك من حنجرة ذهبية داؤودية، حبالها الصوتية بالغة الدقة بتنسيقاتها في عملية النطق لأحرف الكلمات لأي قصيدة جعل منها هو أغنية تشنف لها الأذان وتطرب لها الأفئدة، حتى وقد ملأ الدنيا إبساما.. وهو يواسي المفارق بإهدائه الحنين.. ويبعث في نفسه الشوق.. بالرجوع إلى حوله الذي فيه من يبات يشكوا لليل ما بقلبه من جراح, ويصبر نفسه رغم لوعة الحنين, ويسائل عنه وعن الحب الذي يضيء القلوب حتى مطلع الصبح والصدفة تلك التي لاقاه فيها يوماً وهو يجري ليصبحه بالخير.. ثم يذهب ليتخبر بنات الحوية عن من زرع له الوفاء في مزهريات روحه، وجنح بأجنحته ليعيش معه وقد أحبه وأخلص في حبه لمن كان منية النفس صادفه ذات يوم ماطر في مراعي الظبا.. وشبابة الراعية تبشر مأرب الخير بعودة المجد حين تردد الدنيا معه نشيد العز من صنعاء اليمن وعدن حيث هوائها الملون, وتعز الهواء والبرود وفيها الصبايا الملاح وهن يطوفين المدينة بالثياب الدمس, إلى أن يطل القمر على جبال حيفان, فيسائل النجم والأفلاك حائرة, ويبان له المحبوب الذي بكى عليه وادي الضباب من خلف تلك الجبال الشامخات الأركان, وقد أصبح بيومٍ يودع أهله ويعيش مفارقاً بلاد النور غريب جوال هنا وهناك.. وليترك من بعده من يناشده العودة ولو زيارة, حتى يأتيه ساعي البريد ليبشره بقرب وصوله وقد صبر على بعاده صبر أيوب.. فيطيب اللقاء وهو صاحب القلب وافي العهود الذي يشقه الظمأ حتى لا يقدر السيل أن يروي ظمأه.. وهو المفتون بأحبابه بجيرون والمناجي ربه بالحبيب طه في كل حين وبالخصوص حين يطل رمضان شهر الصيام والقيام.. وغني يا أيوب غني فالغناء سر الوجود.. وما هذه الدنيا إلا أغانٍ وأمانٍ وتهاني, صُبحنا فيضٌ من شجون فيها, وليلنا أنس وفن... هذه الدنيا لمن؟؟
- إنه بإختصار؛
بلبل اليمن الفنان القدير/ أيوب طارش عبسي الذي سيظل متربعاً بالحب والتقدير على عرش كل القلوب المرهفة في كل إنسان.. وكيف لا وهو الذي قد تغلغل ليسكن فيها وهي بكل بيت في البوادي والحضر.. وهذا هو خير تكريم وتقدير له سيبقى خالداً خلود الدهر..
- وله كل الأمنيات والدعوات أن يطيل الله في عمره وينعم عليه بدوام الصحة والعافية وكل الخير..