السبت ، ٢٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٤٦ مساءً

العقلانية الغربية وثنية تؤله العقل وتقدس الطبيعة

إبراهيم القيسي
الخميس ، ٣٠ يناير ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٤٠ مساءً
انت الصدمة الفكرية بين الكنيسة وعلماء الفلسفة العقلية قوية جدا ولدت صدمة كبيرة أشعلت حربا شعواء و أججت ثورة هائجة استهدفت الكنيسة الأرستقراطية بنصوصها المحرفة وبعقيدتها الخرافية وإقطاعياتها الدكتاتورية فالصدام الفكري قد أشعل شرارة الحرب بعد أن وقفت الكنيسة بغبائها الفكري وانحرافها الأيدلوجي أمام الاكتشافات العلمية المتولدة من العقول المستنيرة التي تغذت على الفلسفة اليونانية في أيدلوجياتها الأفلاطونية والسقراطية والأرسطية مع تؤثرهم بالفلسفة الإسلامية التي أشعلت اليقظة الفكرية لدى التنويريين من أمثال بيكون وديكارت وديدرو وروسو وفولتير وسبينوزا ولايبيز وهيوم ودينيس وهيجل ... الخ .

كان التراث العقلاني للفلسفة الإسلامية بعد سقوط الأندلس في القرن الثامن الهجري قد استحوذ عليه الأوربيون وسار في متناول الأيدي لدى أولئك الفلاسفة الذين قدحت الثقافة الإسلامية في عقولهم حب المعرفة والانطلاق من كهوف الظلام وأسوار الكنيسة إلى رحاب العلم والمعرفة وإطلاق العقل من إساره وزنازينه المغلقة التي فرضتها قيود الكنيسة بنصوص أناجيلها المحرفة والتي بدورها شرعت للحكم الثيوقراطي المتكئ على الإقطاعيات الجبرية الظالمة فعمدت إلى ممارسة العنف والتصفية لكل العقول المستنيرة وقد لخص الدكتور " نبيل علي " ذلك الصراع بقوله : " فكان ما كان من أمر الصراع المرير بين الدين والفكر يخر جاليليو على ركبتيه وهو شيخ مريض معتذرا للكاردينال ويلقى برونو الذي أهدى الفكر الإنساني مفهوم اللانهائية نهايته محترقا على الخازوق ويشنق سافونا رولا وتحرق جثته لاجترائه على احتكار الأرستقراطية لقيادة الكنيسة أما ديكارت الذي أقام العلاقة بين فكر الإنسان والوجود فقد كان عليه أن يخفي فكره عن الوجود ذاته خوفا من بطش محاكم التفتيش " .

فكانت نتيجة تلك الممارسات الدكتاتورية ضد العلماء أن أحدثت ردات أفعال عنيفة مهدت للتصادم الأيدلوجي بين الكنيسة والعقلانية المتأثرة بأفكار سقراط وأفلاطون وأرسطو في نطاق فلسفتها اللادينية... والتي اتسمت بانطلاقة ضدية لمحاربة الدين المسيحي المتمثل في الكنيسة الكهنوتية بدون روح أخلاقية أو ضوابط قانونية بل انطلقت بطريقة راديكالية بحتة تدمر كل شيء وتعلن تمردها على الدين والعقيدة والأخلاق وكل ما هو مقدس نتيجة تشوه الروح الدينية لدى أولئك الرهبان الذين سخروا الدين لمآربهم الشخصية من جمع المكوس المالية وبيع صكوك الغفران ... الأمر الذي جعل مارتن لوثر في القرن السادس عشر الميلادي يقوم بعملية الإصلاح الديني وإعلان المذهب البروتستانتي .

فقد ابتدأ عصر العقل في أوائل القرن السابع عشر الميلادي واستمر في التمدد إلى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي حيث سميت هذه الحقبة بعصر التنوير أو عصر العقلانية فقد جاء في الموسوعة العربية العالمية " اعتقاد فلاسفة عصر العقل بتمكن العقل البشري من فهم الكون ومعظم الفلاسفة يعتقدون بأن الله ترك الكون بعد أن خلقه " وهو مذهب يدعو إلى ألوهية الطبيعة كما اعتبر سيبنوزا " أن الكون هو الإله فليس هناك إلها فوق البشر " وجاء في مقال للدكتور غانم هنا " أن "كنت " يرى أن لا مخرج من هذا الوضع إلا عن طريق التفكير الحر المستقل بعيدا عن تحكم شتى أنواع السلطات فكرية أو دينية أو علمية .... " ويؤكد أيضا ماهية العقلانية وعقيدتها الفكرية بأنها صاحبة المقولة المشهورة " لا سلطان على العقل إلا العقل نفسه " ثم يؤكد أن هذه المقولة هي أساس الفكر التنويري بعد أن حددت العقلانية بالقول :" إنها مذهب فلسفي يرى أن كل ما هو موجود مردود إلى مبادئ العقل " وهذا ما يؤكده الدكتور محمد عماره في لقائه مع قناة الجزيرة بتاريخ 8/11/2009م حيث أكد على أن " هناك عقلانيات وضعية مادية لا دينية وذكر على سبيل المثال العقلانية الإغريقية واليونانية حيث كان هناك عقل بلا نقل ومن هنا كانت براهين العقل لها السيادة وليس هناك سلطان على براهين العقل " وذكر أيضا العقلانية الأوروبية التي ظهرت كرد فعل على اللاهوت اللاعقلاني ...الذي يرفع شعار اغمض عينيك واتبعني ... " .

لقد حدثت في العالم الغربي إزاحة عقائدية ومعرفية تبنت اضطرابا فكريا خلط المفاهيم وعكس الحقائق المتعارف عليها في إطار ثورة فكرية عملت سلبا على تدوير أيدلوجي مكن من صدع الثوابت وإحالتها إلى عجينة تم تقليبها وتشكيلها وخبزها في أفران فكرية خاصة أذابت التراث الماضي والعقائدي في بوتقة المادي وأعلنت الثورة الشاملة على الأديان وما راء الطبيعة وذلك ما تؤكده الكاتبة خالدة سعيد قائلة :" ...فإن واحدا من أهم الانزياحات وأبلغها هو نقل حقل المقدس والأسراري في مجال العلاقات والقيم الدينية والماضوية إلى مجال الإنسان والتجربة والمعيش " . ويضيف الدكتور " نبيل علي " من خلال حديثه عن غياب التراكم الثقافي في ثقافتنا العربية قائلا :" لم يمارس الفكر النظري الديني لدينا التراكم الذي مارسه الفكر الغربي الذي تنقل بحرية من محورية الميتافيزيقا ومفهوم الإلوهية إلى محورية الإنسان ومن عقل يسيطر عليه الدين إلى عقل يعلن انفصاله عنه " فكلامه يتجلى بوضوح بانفصال العقل عن الدين واعتبار العقل هو المحور الذي يدور عليه فكر الإنسان وهي نظرة وثنية واضحة تؤله العقل وتجعله المرجعية الأساسية للإنسان وهي النظرة العقائدية للفكر الغربي والتي يسميها شكري عياد " أنسنة الدين " أي إرجاع الدين إلى الإنسان في إطار الوثنية الجديدة المؤلهة للعقل والطبيعة .

وينص الدكتور "غانم هنا" ...على تبشير فولتير بدين جديد يبتعد عن الوحي والكهنوت وعن العناية الإلهية فيقول : " بشر فولتير بدين جديد هو ـ الدين الطبيعي ـ الذي لا يقوم على وحي ولا هو بحاجة إلى هرمية كهنوتية ولا إلى عناية إلهية أو تناسق مسبق بل على ما فطرت الطبيعة الإنسان عليه ووهبته من أخلاق تمكنه من إقامة مجتمع تحكمه الأخوة والمساواة " والنص واضح في دلالته المرة من حيث الدعوة إلى وثنية جديدة كون الكنيسة قد شوهت الدين بانحرافها العقائدي والأخلاقي والسياسي وكون الإنسان مفطور على التعبد والخضوع لقوة عليا تحتمي بها الفطرة الإنسانية في حال ضعفها ... وفي إطار الجهل بخالقها نتيجة لشبهة أو شهوة فإنها تؤله شيئا من مخلوقاته وهذا ظاهر من عبارة فولتير في اتخاذه الطبيعة إلها لأنه يلتمس فيها قوة خالقها فالرجل قد أخطأ الطريق إلى خالقه الحق بسبب تلك الملابسات التي شوهت الدين المسيحي وجعلته يقصر عن متطلبات الحياة في مفهومها الشامل .

غير أن الكاتب ـ محمد أبو القاسم ـ يعتبر فولتير فيلسوفا مؤمنا يقول في مقاله المنشور في صحيفة الوسط البحرينية في العدد 542 بتاريخ 1/ مارس / 2004م : " فولتير فيلسوفا مؤمنا ... ولكنه ضد الحكم المقدس الملكي اللاهوتي والثيوقراطية الكنسية ودافع في كتاباته عن الدين والتدين وتصدى لفلسفة سبينوزا التي وصفها بالإلحاد كما وصفه بالحماقة في كتابه الفيلسوف الجاهل ... ويضيف قائلا : " وفولتير يكره الكهنة من لاهوت أو دعي ديني زائف يخرق أبسط مقولات العقل الإنساني ولهذا باتت مقولته الشهيرة ( إن اللاهوت هو ثمرة لقاء أول كاهن محتال بأول أحمق من البشر ) ولهذا رفض الامتثال لطقوس الاعتراف الكاثوليكي لدى احتضاره بين يدي قسيس وأملى بدلا من ذلك العبارة التالية : " أموت على عبادة الله ومحبة أصدقائي وكراهية أعدائي ورفضي للخرافات والأحكام والأساطير الدخيلة على الدين " وهذا التناقض بين أقوال فولتير يفسر لنا تلك الحيرة والقلق التي كانت تشوب العقلانية في ذلك الظرف التاريخي فهم متقلبون بين الحقيقة والخيال والشك واليقين والدين والإلحاد وظلت حيرتهم تغذيها ردات الأفعال المبنية على المكابرة والعناد ضد الكنيسة فمع اعترافهم بوجود الله إلا أن عنادهم وغيظهم من الكهنوت الكنسي جعلهم يتبنون الجحود والنكران .

ونلحظ عن كثب أن هذه الدعوة إلى تأليه الطبيعة كانت سلفا ومثلا يحتذى به في كل الدعوات العقلانية اللاحقة فقد اتخذ منها ماركس متكئا في نظريته الشيوعية في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي فقد بنى دعوته على فكر تأليه الطبيعة الإلحادي المتكئ على فلسفة هيغل التاريخية والتي انبثق منها تصوره للطبيعة المادية بأنها هي الفاعلة في تغيير الأحداث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فأيدلوجيتها الإلحادية أنكرت وجود إله للكون فكان شعارها " لا إله والحياة مادة " وقد تعددت مناحي هذه الحركة وأيدلوجياتها متأثرة بأفكار الزعماء والمؤسسين من ماركسية ولينينية وستالينية وتروتسكية وماوية واكسمبرجية وبنيت على طبقتين هما البرجوازية والبروليتاريا وقد أثرت فكريا وسياسيا على نطاق واسع من المعمورة ولعبت أدوارا كارثية راح ضحيتها ملايين الشهداء جلهم من المنتمين إلى الدين الإسلامي والمسيحي .

فعصر العقلانية أثار هزة فكرية عنيفة زلزلت الدين والقيم والأخلاق والأعراف وهدمت المقدسات والثوابت ونشرت الفوضى والعشوائية وذلك ما أكده كريستوفر بتلر بقوله : " ... كان صدى لما طرأ على العالم من اهتزاز في القيم وشك في الحقائق نتيجة لاختلاف نظام العالم وصراع المعتقدات حتى أصبح ما هو وهم وما هو حقيقة على قدم المساواة " فقد انطلقت قداحة العقل المتحررة من كل القيود تنظر في عبثية متناقضة وتعكس موجة الشك التي تتكئ على دوامة غير مستقرة خاصة ما يتعلق بما وراء الطبيعة وبدا ذلك الاضطراب جليا في تلك النظريات المتمثلة في المادية والمثالية والآلية والغائية وهي رؤى يشوبها التناقض والتضاد حول التكهن بماهية ما وراء الطبيعة كون العقل له طاقة محدودة لايمكن تجاوزها لكن غرور هؤلاء جعلهم يقعون في فخ الفلسفة العقيمة التي لا طائل من ورائها فإن كان هؤلاء قد أفلحوا من ناحية الوصول إلى تأسيس نظريات بحثية ذات أطر معرفية تعتمد على منطق البرهان والاستدلال بالمقدمات والنتائج عن طريق الملاحظة القبلية والتجريب لاستقراء واستنباط النتائج الصحيحة غير أنهم اختلفوا كثيرا من حيث الوسائل والطرق الموصلة لنظرية معرفية موحدة فعملهم المضني وصل بهم إلى نظريات معرفية متباينة ومتضادة مثل التطابقية والبرغماتية والترابطية والشكوكية وظلت تلك العقول تجمح على غير هدى ولا غاية قد تعرت عن الثوابت الدينية والأخلاقية فجل النظريات الأخلاقية متكئة على معايير ثقافية وذوقية وموضوعية بعيدة عن النظام العام الذي ينظم الأخلاق من حيث العموم والخصوص والكلي والجزئي .

فالعقلانية قادت الشعوب المتحررة من الكنيسة إلى ثورة علمية اخترقت كل المعارف وبنت نظريات معرفية في كل المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية بما توصلت إليه من اختراعات حديثة تطورت بتفوق يتناغم مع القدرة العقلية المتعاضدة مع حقول الخيال الخصب الذي أخضع للتجريب والبحث الدائمين فقد أعطت تلك الاكتشافات العلمية الجانب العسكري جل اهتمامها الكبير من حيث اختراع وسائل الموت من طائرات مقاتلة إلى أساطيل بحرية إلى قنابل ومتفجرات ودبابات وبندقية ورشاشات ...الخ وكون الثورة العقلانية لم تتكئ على ثوابت دينية أو أخلاقية فقد استخدمت تلك الآلات الحديثة في سفك الدماء واستعمار الإنسانية وسقطت بالأمة الأوروبية في مستنقع الحروب الأهلية التي استمرت لسنوات أغرقتها في بحور من الدماء ورشحت لحربين عالميتين بعد أن خاضت حروبا أهلية قاتلة فقد عملت تلك الاكتشافات العلمية على إغراء الدكتاتورية الأوروبية الحديثة على تصعيد الحرب وإنتاج المزيد من أسلحة الدمار الشامل يدفعها إلى ذلك طموحها الهستيري لنيل السيطرة على العالم من أجل الحصول على امتيازات إستراتيجية في مجال السياسة والاقتصاد والتصنيع وامتلاك الثروات البترولية والمعدنية ونتيجة لتلك المحرقة الإنسانية التي ألقت بالأمة في أفران الحروب وسقطت بها في أخاديد الموت ودفعتها إلى هوة سحيقة تتهاوى فوق فوهات البراكين المدمرة فإن العقلانيين الجدد يلقون باللائمة على سلفهم من العقلانيين القدامى الذين أوقدوا شعلة العقل والثورة بعيدا عن الدين والقيم والأخلاق فانطلقت تلك الشرارة تنحو إلى التدمير واختراع وسائل الموت والدمار وهيأت لقيام دول وحكام وأفكار دكتاتورية فطالعتنا الثورات النازية والفاشية والماركسية والستالينية واللينينية وألهبت بوارق الطمع وسعار الجشع فهبت الأمم تتقاتل وتتسارع في صور وحشية قتلت وشردت مئات الملايين وسلبت الحريات وانتهكت الأعراض وسرقت الثروات وداست القيم والأخلاق وكفرت بالأديان .

واستنادا إلى ما سبق آنفا من سوق تلك الأدلة التي نصت على وثنية العقلانية الغربية في أطرها الأيدلوجية القائمة على التجرد والانفصال عن الدين والخلق فإنني أصل إلى نتيجة مقنعة بوثنية هذه العقلانية من حيث المبدأ الذي قامت عليه للانطلاق نحو التحرر من قيود الكنيسة الكهنوتية ولذا تظل تلك الأفكار الغالية من حيث نظرتها للدين والأخلاق محل نظر بالنسبة بما يتصل بديننا الإسلامي ومبادئه السامية وتظل الفكرة محصورة في نطاق البيئة الأوربية وخلفيتها الأيدلوجية ومسألة تأميم الأحكام العامة وتنزيلها على البيئة العربية والإسلامية فيه محاذير عقائدية وفكرية وأيدلوجية فالفلسفة الغربية نابعة من ظروف دينية وسياسية لها جذورها الثقافية والفكرية ولا تمت بأي صلة إلى أسباب تخلفنا الحضاري والذي اتخذ منه المتأثرون بتلك الثقافة مشجبا لعرض البضاعة الفكرية الغربية والدعوة إلى اتباعها بحرفية تخالف كل الأسس والأفكار والمبادئ فقياس الثورة العقلانية الغربية في أبان سطوتها بتمردها على الدين والأخلاق والعادات والتقاليد لتكون مثلا يحتذى بثورة مماثلة في الشرق الأوسطي تتمرد على الدين والأخلاق والقيم الإسلامية أضحوكة أيدلوجية و مراهقة فكرية وجل من يدعو إلى ذلك هم من عناصر اصطبغت أفكارهم بالعقلانية الغربية في طورها الإلحادي المتداخل مع الأهداف والغايات السياسية التي تخدم أجندة غربية في مجالاتها الاستخباراتية في إطار توريد الأفكار الدخيلة لصالح السيطرة الاستعمارية الحديثة .

فإذا كانت المبررات لتلك الثورة العقلانية إيجابية حسب الظرف التاريخي الذي نشأت فيه نتيجة الثيوقراطية والحكم المقدس وجمع العتاوات المالية وبيع صكوك الغفران واحتكار المعرفة وحبس العلماء وقتلهم والتضييق على الأفكار والحريات ... فكيف نقيس بيئة مسيحية حرف فيها الدين بعقيدة ثلاثية تعبد ثلاثة من الآلهة وتشتري وتبيع الجنة والنار بصكوك الغفران وترى الحاكم مقدسا يستمد سلطته من الله مباشرة ... كيف نقيس ذلك بديننا الإسلامي الذي أعطى التصور العقائدي الصحيح وجعل الحاكم بشرا يصيب ويخطئ ويخضع للتقويم ودعا إلى تحقيق الحرية والعدالة وحظ على انطلاق العقول للتفكير والبحث واستخراج خيرات الأرض وصناعة الحياة فقد أطر النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري ووجه الأمة إلى العمل والجد ونهى عن الكسل واللعب وجعلنا خير أمة أخرجت للناس وحظنا على العزة والكرامة ونهانا عن الخنوع والذل وقدح شرارة التفكير ووجهنا إلى السير في الأرض والنظر في آفاق السماء ووازن بين الدنيا والآخرة والظاهر والباطن وشحن النفوس باليقظة والضمائر بالمراقبة وأفعم القلوب بالحب وجعل الحياة وسيلة للعيش ومسجدا للعبادة .