الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٢٩ مساءً

رسائل من نوع خاص

إلهام الحدابي
السبت ، ١٠ مارس ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٣٩ مساءً
رسالة أولى....
إلى شيوخنا الأفاضل ،وعلمائنا الأجلاء سؤال بسيط...ما حكم قتل امرئ مسلم؟ وأيهما أهم النفس المحرمة أم التطاول اللفظي! وهل ما يحدث في أبين مرضاة للرب؟!

منذ أن كنت صغيرة وأنا أًلقن(العلماء ورثة الأنبياء)، لذالك صار أي قول يقولوه أؤمن به، فهو لا يخرج عن معتقداتي، لكن..في الفترة الأخيرة لاحظنا غياب دور العلماء، واقتصارهم على قضايا فرعية بالنسبة لما يحدث،فجميعنا تابعنا حملة التكفير والتشهير التي طالت بعض الكتاب على مستوى الوطن العربي، ولكننا لم نلحظ أو نتابع أي تفاعل لما يحدث من قضايا مصيرية للأمة الإسلامية، فسوريا لم يتحدث علماؤنا حولها الا في الحدود الضيقة، وأبين لا فتوى تجاهها إلا الصمت، وكأن المقتولين هناك من أي طرف كان ليسوا منا، أو أنهم ينتمون إلى عالم آخر لا يمت لنا بصلة.

القاعدة أو أنصار الشريعة أو أياً كانوا ليسوا مخطئين تماماً، فخطأهم جزئي إذا ما قورن بالواقع، إذ أن دور العلماء صار محصوراً في الجامع أو وفق ما يقتضيه حال الحزب أو مصلحة الجماعة، متناسين أن العلم الشرعي جزء من ذاكرة الأمة، والتي لا يصلح حالها إلا به، وبسبب غياب دورهم ظهرت فتوى جواز القتل الجماعي، ومن ناصر أعداء الله أُحل دمه ولو أدى فرضه...إلخ

المجاهدين يحملون رسالة سامية ولكنها لا تطبق بالوجه الصحيح، نريد أن نعرف كم نسبة الكفار الذين قتلوا في تلك الهجمات!! جميعهم مسلمين! يمنين!

والأمريكي أو اليهودي الذي يُقتل ليس سوى طائرة بدون طيار،فهل تستوي الروح والجماد في عرف هاؤلاء؟ من ناحية أخرى المجاهدين في أبين من حقهم أن يطمئنوا بأنهم لن يفنوا عن بكرة أبيهم ، أو استهداف قياداتهم كما حدث في مرات سابقة، ولن يكون ذلك الإطمئنان إلا بشملهم في حوار وطني، أو على الأقل تنفيذ قاعدة نقاش موسع معهم، والحوار البناء يستطيع أن يعالج الكثير من قضايانا الشائكة، خصوصاً إذا رُوعيت فيه القواعد التي نؤمن بها، بحيث نُعيد الدور لعلمائنا من أجل خلق الوعي تجاه ما يحدث، وتوضيح أولويات ومقاصد الشريعة للناس، وبالتالي يأخذ مفهوم الجهاد حقه من التطبيق دون إسفاف أو إسراف.

الرسالة الثانية...
إخوتنا المجاهدين في أبين، ندرك أن الجهاد هو ذروة الأسلام، وندرك أن قاعدة ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا لا زالت قائمة، وندرك أنكم على حق، وندرك أنكم تريدون خيراً...،لكن نريد أن نذكركم بقول الله(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) ورسول الله هو المربي الأول على الجهاد، وهو المعلم الأفضل للأولويات، لذا لماذا لا نقرأ في سيرته قليلاً لنفهم أن ما يحدث لنا هو سنة الله في خلقه، فديننا لن يقوم إلا بهامات عالية وكلنا نملكها والحمد لله، ولن ينهض إلا بسواعد فتية وهذه نملكها والحمد لله، ولن يسود إلا بالعمل، فسنة الله في خلقه لا تسود حضارة ما مالم تعمل جاهدة على ذلك، ورسول الله في مكة لم يأمر قط بحمل السلاح مع أن التعذيب كان لغة الحوار التي تستخدمها قريش،ولم يأمر بالجهاد إلا بعد أن أرسى قواعد الدولة العادلة والقوية، ونحن في عهدنا هذا لم يعد للإسلام دولة قوية، وأصبح من المحتم علينا بناء الدولة المسلمة لذا يجب أن نقتفي خطى قدوتنا محمد، والذي شيد الإسلام بالوعي والعلم والبناء وليس بالسلاح،والقاعدة الأساسية تخبرنا أن الجهاد أنواع، ولا نلجأ لجهاد السلاح إلا إذا لم تفلح أنواع الجهاد الأخرى ، كجهاد العلم
والعمل، فهل طبقتم يا إخوتنا أي نوع من الجهاد قبل أن تلجأوا إلى آخر حل؟

رسالة ثالثة....
إليكم يا حكومة الوفاق، يا من أملنا عليهم الكثير، ولا زلنا منتظرين لنرى بعضه حتى اللحظة، هل غيرتم من واقع صالح شيئاً؟! كمواطنة أرى أن نفس السياسات لا زالت تطبق، وبنفس المنهجية الخاطئة، فصالح سمح لطيران الأمريكي بالضرب تحت ذريعة الحفاظ على الأمن العام، وأنه يخشى أن تصيبنا لعنة الولايات المتحدة فتحيلنا إلى عراق أو أفغانستان أخر، وهاأنتم تقتفون نفس الدرب، وها نحن نسمع عن انتهاك جديد لسيادة اليمن تحت أعينكم، ولكن نتمنى أن لا تتشبثوا بذات الأعذار التي تشبث بها صالح من قبل، نتمنى أن نسمع في الأيام القادمة أن حكومة الوفاق عملت على تهدئة الوضع في أبين من خلال صُلح كما حدث مع الحوثين من قبل، ونتمنى أن نسمع تصريح شجاع لوزير الدفاع ،عن ترشيح أي خطة عسكرية تمنع انتهاك سيادة اليمن واليمنين من قبل أي دولة كانت عظمى أو صغرى، فالسيادة الوطنية قضية شرف ووجود.

ولا تنسي يا حكومة الوفاق قاعدة(الشعب يريد) ، ومن هنا نؤكد أن الشعب يريد تطبيق الشفافية في كل شيء، إذ أن سياسة التجهيل التي نهجها صالح أثمرت في خلق العنف والطائفية وكل المفردات القميئة في جسد اليمن،لذا نطالب بحرية الإعلام والشفافية في نقل ما يحدث في أبين ، أو تجاه أي قضية ستحدث في المستقبل القريب، مالم تُطبق مثل هذه القاعدة ، سنتأكد أن حكومة الوفاق لا تختلف كثيراً عن سابقتها، ويبدوا أن الشارع سيكون هو اللغة الوحيدة التي نستطيع أن نتخاطب بها مع السياسين المحنكين!

الرسالة الرابعة...
إلينا كمواطنين، الثورة لم تؤتي كل ثمارها بعد فلنزح عن كاهلنا غبار السآمة والإحباط ،ولنؤكد على إصرارنا على تنفيذ كل أهداف ثورتنا من خلال متابعة ما يحدث، والاستفادة من الأخطاء السابقة، حيث أن سياسة التهميش الإعلامي والتجهيل المعرفي لا زالت قائمة في اليمن الجديد، ولا ندري هل تطبق هذه السياسة بإشراف حكومي أم أنها وليدة الأحداث المتكالبة على الحكومة الجديدة وصعوبة المرحلة؟ نتمنى أن تكون الأخيرة، إذ أن سياسة التجهيل ستضر الشعب لفترة ولكن عاجلاً أم آجلاً سينقلب السحر على الساحر كما حدث لصالح.

ترى هل نحن متابعين جيدين للأحداث؟ المتابعة الجيدة لا تعني أنك تعرف أنه في يوم الأربعاء ارتفع عدد قتلى الجيش في أبين إلى 186، وإنما أن تعرف لماذا ارتفع العدد بشكل مطرد، وكم عدد القتلى في الصفوف الأخرى؟ وأي مسدس ذلك الذي سيقتل عدد أشبه بالكتيبة! وبممارسة القليل من التفكير قد تصل إلى إجابة مقنعة ،أو ستواصل البحث، وقد تراودك بعض الأفكار مثل لماذا لا يكون سبب الازدياد في عدد القتلى هو خطأ فني لطائرة أمريكية بدون طيار، أو تحديد للموقع الخطأ كما حدث في ليبيا..أو..أو..

كمواطن ذكي عليك أن تدرك عدة أمور، أن الظروف الاستثنائية لبلدك هي فرصة سانحة لأطماع دول أخرى، كما حدث في جنوب السودان،وأن بقاء بؤرة حرب في جسد وطنك تعني ببساطة نزيف لا يتوقف، وبسبب هذا النزيف قد تفقد سيادة وطنك تحت ذريعة الأمن الدولي أو ما شابه، وعليك أن تدرك أمراً خطيراً للغاية أن التدخل الأجنبي حتى على مستوى تعديل الدستور أو إعادة هيكلة الجيش يعني زرع قنبلة موقوته للحفاظ على مصالح الآخرين وإهدار كرامتك وحقوقك، وفي الأخير عليك أن تتذكر أن قامتك النحيلة والسمراء صنعت ثورة، هذه الثورة ليست من أجل أمريكا التي لا توزع إلا الموت، أو فرنسا التي لا تعرف إلا مصالحها ،أو السعودية التي لاترى منك إلا نصف كائن حي، أو تركيا أو ألمانيا أو أي دولة أخرى تقع في خارطة لا تمت لمصلحة وطنك بصلة ،لذا حافظ على ثوريتك بإيقاظ وعيك والتنبه لخيوط العبة من أي جهة ستأتي وكيف تحولها لمصلحتك ووطنك.